المعارف من جهته.
بل أوجبناها لما قد تقدم بيانه من تعيين الرئاسة لطفا في ارتفاع القبائح العقلية وفعل الواجبات العقلية. ومعلوم ضرورة أن الظلم والضيم إذ هما معللان مع وجود الرئيس القوي اليد النافذ الأمر ، ويقعان ويكثران مع فقده أو ضعف يده ، وهذه إشارة الى ما لا يمكن جحده ولا دفعه.
وقد كان ينبغي لمن أراد أن يطعن في جهة وجوب الإمامة أن يتشاغل بما اعتمدنا عليه ، لا بذكر المعرفة بالله تعالى وحكمه وعدله ، فان ذلك مما لم نعول عليه قط في وجوب الإمامة.
فإذا كنا قد بينا جهة حاجة الى الرئاسة عقلية لازمة لكل من كلف على كل حال ، فقد سقط قول من يدعي أنها يجري مجرى الألطاف الشرعية والمصالح الدنيوية.
فأما ما جرى في آخر هذا الكلام من قياس الامام على الأمير أو الحاكم ، وانه كما لا يجب عصمتهما لا يجب عصمته فهذا لعمري هو كلام على دليلنا في وجوب العصمة وان كان من بعد.
والفرق بين الامام وخلفائه من أمير وغيره في وجوب العصمة اما فإنما (١) أوجبنا عصمة الامام من حيث لو لم يكن معصوما يوجب عصمته الى امام ، كما احتاج اليه من هذه صفته ، وفي علمنا بأنه لا امام له ولا يد فوق يده ، دلالة على أنه معصوم وعار من الصفة المفتقرة الى امام ، وهي ارتفاع العصمة وجواز المعاصي.
ولما جاز في الأمير ومن عداه أن يكون غير معصوم ، كان له إمام يأخذ على يده ، وهو امام للكل ، فبان الفرق بين الامام والأمير.
__________________
(١) كذا في النسخة.