فأما ما تلي هذا الكلام به من التفرقة بين الرسول والامام ، بأن الرسول حجة فيما لم يعلم الا من جهته ، فلذلك وجبت عصمته.
فأول ما فيه أن انفراد الرسول بعلمه يقتضي عصمة ليست موجودة في الإمام لا يدل على نفي العصمة عن الإمام ، لأنه غير ممتنع فرضا وتقديرا ان يكون في عصمة الامام علة أخرى غير هذه العلة.
وانما يبقى الكلام في اقتضاء هذه العلة الموجودة مع الإمام عصمة ، وقد بينا ذلك.
ولو ساغت هذه الطريقة الباطلة لساغ المبطل أن يقول : قد ثبت أن الظلم قبيح لكونه ظلما ، فيجب أن لا يكون الكذب قبيحا ، لانه ليس بظلم ، فكيف يشتركان في القبح مع اختلافهما فيما اقتضاه فما يلزم في ذلك من الفساد لا يحصى.
وبعد : فالعلة التي عللوه (١) بها عصمة الرسول موجودة في الإمام ، لأنا قد بينا أن الامام قد يكون حجة فيما لا يعلم الا من جهته ، إذا كتم الحق وانقطع النقل الذي هو حجة ، فلم يبق إلا العصمة.
فأما ما استوقف بعد هذا من أن الامام لو لم يكن معصوما ليبغي للدين أهله الغوائل، وغش في كذا ، وأخطأ في كذا ، مما لا نقوله ولا نعول عليه في وجوب عصمة الامام. ويلزم المعول على ذلك عصمة الأمراء والحكام ، وكذلك خليفة الإمام أو النائب عنه (٢). ومن استدل بهذه الطريقة التزموه وركبوه وأخطأ (٣).
وقد بينا الفرق بين الأمرين ، وأن عصمة خلفاء الامام غير لازمة على العلة
__________________
(١) ظ : عللوا.
(٢) في الأصل : أو نائب عنه.
(٣) ظ : واخطاؤه.