القبِيحَ حَسنا فذاك التَّخَوُّن والغَوْل فاذا جعل يَميدُ ويترنَّحُ ويُلَجْلِجُ فقد أمْعنَ فيه السُّكْر ـ أى ذهَب* وقال* سَكِر سُكْرًا وسَكْرا وسَكَرا وسَكَرانا فهو سَكْرانُ* سيبويه* والجمع سُكَارَى وسَكَارَى وسَكْرَى والانثى سَكْرَى ومنه سُكْرُ الشَّبابِ والمالِ والسَّلطانِ* ابن السكيت* رجُل سِكِّير ومِسْكِير ـ كثير السُّكْر* سيبويه* والانثى مِسْكِير بغير هاء وقد أسكَره الشَّرابُ والسَّكَر ـ الخمرُ نفسُها* على* فأما قِراءة من قَرَأ «وتَرَى الناسَ سَكْرَى» فانه يجوز أن يكونَ جَمعَ سَكرانَ شبَّه فَعْلان بفَعِيل الذى بمعنى مفعُول كجرِيح وجَرْحَى ويجوز أن يكون أراد به الجماعة فأنَّث على ذلك* أبو حنيفة* فاذا نَزَفَت عقْلَه فهو مَنْزُوف ونَزِيف ونَزُوف وأنشد
* بَدَّاء تَمْشِى مِشْيةَ النَّزُوفِ*
وهو أيضا المُنْزَف ـ أى أُنْزِف عقلُه وكل مستنفِدٍ شيأ فقد أنْزفه وأَنْزَف القومُ نَفِد شرابُهم* قال أبو على* يقال أَنْزَف الرجلُ على معنيين أحدُهما أنه يُراد به سَكِر وأنشد أبو عبيدة وغيره
لعَمْرِى لَئِن أَنزَفْتُمُ أو صَحَوتُمُ |
|
لبِئْس النَّدَامَى كنْتُمُ آلَ أبْجَرَا |
فمقابلته له بصحوْتم يدلُّ على أنه أراد سَكِرتم والآخر أَنْزفَ ـ اذا نَفِد شرابُه ومعنى أَنْزفَ ـ صار ذا نَفَادٍ لشَرَابه كما أن الأوَّل معناه النَّفاد فى عَقْله وقراءة حمزة والكسائى يُنْزِفُون يجُوز أن يُراد به لا يَسْكَرون عن شُرْبها ويجوز أن يراد لا يَنْفَد ذلك عِنْدهم كما يَنْفَد شرابُ أهل الدنيا واذا كان معنَى (لا فِيها غَوْلٌ) لا تَغتال عقُولَهم حُمِلت قراءةُ حمزةَ والكسائى لا يُنْزِفُون فى الصافَّات على لا يَنْفَد شرابُهم لأنك إن حملته على أنهم لا يَسْكَرون صِرْت كأنك كرَّرت يَسْكَرون مرتين وان حملت (لا فِيها غَوْلٌ) على لا تَغتال صحَّتهم ولا تُصِيبهم عنها العِللُ التى تَحدُث عن شُرْبها كما ذهب عاصمٌ اليه فى (يُنْزَفُونَ) فى الصافَّات كان على أنهم لا يَسْكَرون ويقال للسَّكْرَان مَنْزوف وفى الواقعة (يُنْزِفُونَ) ـ أى لا يَنْفَد شرابُهم لانه قد تقدَّم أنه لا يُصِيبهم فيها الصُّدَاع فقوله (لا يُصَدَّعُونَ عَنْها) كتأويل قوله تعالى فى الصافَّات لا تَغْتال صحتَهم فيُصْرَف لا يُنْزِفُون فى الصافَّات الى أنهم لا ينفَدُ شرابُهم وأما من قرأ (لا يُنْزِفُونَ) فى الموضعين