خلاصة بحث أنواع الكتمان بمدرسة الخلفاء
قد رأينا العلماء بمدرسة الخلفاء مجمعين على كتمان كلّ رواية أو خبر يسبب توجيه النقد إلى ذوي السلطة في صدر الإسلام ، وولاتهم وذويهم ، محتجّين في ذلك بأنّ أولئك كانوا من صحابة الرسول (ص). ولا يصحّ ذكر ما يسبب انتقادهم ، بينا هم نشروا من الروايات المكذوبة ما فيه طعن على أبرار صحابة رسول الله (ص) الفقراء أمثال عمّار وأبي ذرّ وابن مسعود.
وفي سبيل الدفاع عن ذوي السلطة ، تارة يكتمون كلّ الرواية والخبر ، وأحيانا يحذفون من الخبر والرواية بعضها الّذي يوجّه النقد إلى ذوي السلطة بسببها ، ويأتون بباقي الرواية ممّا لا يوجب النقد عليهم ، وتارة أخرى يبدّلون من الرواية والخبر ما يسبب النقد على الولاة بكلمة مبهمة لا يفهم منها شيء من المراد ، وأخرى يحرّف بعضهم الخبر والرواية بأنواع التحريف حتّى يبلغ الأمر أن يجعل الحليم البارّ ظالما سفيها ، والظالم المتعنّت بارّا حليما ؛ أي يبدّل الشيء إلى نقيضه تماما ثمّ يتسابق الآخرون إلى نشر ذلك الخبر المحرّف والرواية المختلقة وتوثيقهما وإشاعتهما في المجتمعات الإسلامية بدل الخبر الصحيح والرواية الصحيحة الّتي تسبّب النقد على الحكّام والأمراء ، ويتسابقون كذلك ويتعاونون في تضعيف الرواية الّتي تسبّب النقد لذوي السلطة والطعن على راويها وعلى مؤلّف الكتاب الّذي أورد الرواية فيه بأنواع الطعون والتضعيف والتسخيف ، وإن لم يستطيعوا كلّ ذلك أوّلوا تلك الرواية والخبر إلى ما فيه مصلحة ذوي السلطة ويبدّل النقد الموجّه إليهم إلى مدحهم والثناء عليهم.
ويحترمون من التزم هذا الاتّجاه ويجلّونه على قدر التزامه الأسلوب المذكور ، يوثّقون الراوي الملتزم بذلك ويصفون خبره بالصحيح ، ويصفون تأليف المؤلف الملتزم بهذا النهج بالوثاقة والصحّة على قدر التزامهما المسلك