مناقشة الاستدلال بما ورد في نهج البلاغة على صحّة الاستدلال
بالشورى والبيعة وعمل الأصحاب.
استدلّ بعضهم على ما ارتأى في الشّورى والبيعة والاقتداء بعمل الصّحابة بما رواه الشريف الرضي عن الإمام علي (ع) بباب الكتب من نهج البلاغة وهذا نصّه :
ومن كتاب له ، إلى معاوية :
إنّه بايعني القوم الّذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان ، على ما بايعوهم عليه فلم يكن للشّاهد أن يختار ، ولا للغائب أن يردّ ، وإنّما الشّورى للمهاجرين والأنصار. فإن اجتمعوا على رجل وسمّوه إماما كان ذلك [لله] رضى ؛ فإن خرج عن أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردّوه إلى ما خرج منه ؛ فإن أبى قاتلوه على اتّباعه غير سبيل المؤمنين ، وولّاه الله ما تولّى ...(٢٥).
فإنّ الإمام قد احتجّ في هذا الكتاب على معاوية بالبيعة والشورى وإجماع المهاجرين والأنصار ، وبناء على هذا فإنّ الإمام يرى صحة إقامة الإمامة بما ذكره.
والجواب أن الشريف الرضي كان أحيانا يتخيّر نتفا من كتب الإمام وخطبه ممّا يجده في أعلى درجات البلاغة ويترك سائره ، وكذلك فعل مع هذا الكتاب وقد أورد الكتاب بتمامه نصر بن مزاحم في كتاب صفّين ، وهذا نصّه :
بسم الله الرحمن الرحيم.
أمّا بعد ، فإنّ بيعتي بالمدينة لزمتك وأنت بالشّام ؛ لأنّه بايعني القوم الّذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بويعوا عليه ، فلم يكن للشّاهد أن
__________________
(٢٥) نهج البلاغة وشرحه لابن أبي الحديد ، الكتاب السادس من باب المختار من كتب مولانا أمير المؤمنين.