اطاعة الإمام الجائر المخالف لسنة الرسول (ص)
رأينا في بحث وجوب طاعة الإمام بمدرسة الخلفاء كيف رووا عن رسول الله (ص) النهي عن الخروج على السلطان الجائر المخالف لسنّة الرسول (ص) وجوب طاعته ؛ أمّا مدرسة أهل البيت (ع) فقد رووا عن رسول الله (ص) روايات تناقض تلك الروايات مثل رواية الإمام الحسين (ع) سبط رسول الله (ع) عن جده قال :
«من رأى سلطانا جائرا مستحلّا لحرم الله ناكثا عهده مخالفا لسنّة رسول الله (ص) يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان ، فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول ، كان حقّا على الله أن يدخله مدخله» (٦٦).
وبمقارنة نظير هذه الروايات بروايات مدرسة الخلفاء ، أدركنا أنّ تلكم الروايات بمدرسة الخلفاء إنّما رويت عن رسول الله (ص) احتسابا للخير وتأييدا للسّلطات الحاكمة على المسلمين ، وكان ذلك في أوائل العصر الأمويّ ، ثمّ دوّنوها في عصر تدوين الحديث أوائل القرن الثاني الهجري بكتب الحديث صحاحها ومسانيدها (٦٧) وتسالموا جميعا على صحّتها والعمل بها ، وشرحها وعلّق عليها وأكّدها علماء بلاط السّلطات الحاكمة من محدّثين وقضاة وخطباء وأئمة الجمعة والجماعة وأشباههم مدى العصور في شتّى البلاد منذ عصر الخلافة الأمويّة بالشّام والأندلس ثم العباسيّة في بغداد والعثمانيّين في تركيا وحكّام المماليك في مصر والسلاجقة والغزنويّين في إيران والاكراد في الشّام ، وأغدقت تلك السّلطات عليهم الجاه والمال والحظوة في بلاطها ،
__________________
(٦٦) في خطبة الإمام الحسين (ع) لجيش حرّ بن يزيد الرياحي ، بتاريخ الطبري وابن الأثير ومقتل الخوارزمي.
(٦٧) تأتي الإشارة إليه في أوائل الجزء الثاني إن شاء الله تعالى.