(عن الزهري قال : ولي عثمان فعمل ستّ سنين لا ينقم عليه النّاس شيئا. وإنّه لأحبّ إليهم من عمر ، لأنّ عمر كان شديدا عليهم. فلمّا وليهم عثمان لان لهم ووصلهم ، ثمّ إنّه توانى في أمرهم واستعمل أقرباءه وأهل بيته في الستّ الأواخر ، وكتب لمروان بخمس مصر أو بخمس إفريقية ، وآثر أقرباءه بالمال وتأوّل في ذلك الصلة الّتي أمر الله بها ، واتّخذ الأموال واستسلف من بيت المال ، وقال : إنّ أبا بكر وعمر تركا من ذلك ما هو لهما ، وإنّي أخذته فقسمته في أقربائي. فأنكر النّاس عليه ذلك.
قلت : وممّا نقموا عليه أنّه عزل عمير بن سعد عن حمص وكان صالحا زاهدا ، وجمع الشّام لمعاوية ، ونزع عمرو بن العاص عن مصر ، وأمر ابن أبي سرح عليها ، ونزع أبا موسى الأشعري عن البصرة وأمر عليها عبد الله بن عامر ، ونزع المغيرة بن شعبة (٥٤) عن الكوفة وأمر عليها سعيد بن العاص.
وقال : دعا عثمان ناسا من الصحابة فيهم عمّار فقال : إنّي سائلكم وأحبّ أن تصدقوني. نشدتكم الله أتعلمون أنّ رسول الله (ص) كان يؤثر قريشا على سائر النّاس ويؤثر بني هاشم على سائر قريش؟ فسكتوا ، فقال : لو أنّ بيدي مفاتيح الجنّة لأعطيتها بني أميّة حتّى يدخلوها) (٥٥).
* * *
لا يتّسع المجال لذكر ما فعله الولاة والأمراء من بني أميّة في السنوات السّتّ الّتي ذكرها المؤرخون في مصر والشام والكوفة والبصرة والمدينة ، وما جرى بينهم وبين أبرار الصحابة والتابعين ، وإنّما نقتصر على ذكر بعض ما كان من أمر أبي ذرّ خاصّة معهم.
__________________
(٥٤) في النسخة : المغيرة بن شعبة خطأ ، وإنّما نزع سعد بن أبي وقاص.
(٥٥) قال المؤلف : ولكن مفاتيح بيوت أموال المسلمين كانت بيده.