سعد : ألا في الفتنة سقطوا ، اللهمّ زد عثمان بعفوه وحلمه عندك درجات ، حتّى خرج عمّار من الباب. فأقبل عليّ سعد يبكي حتّى أخضل لحيته وقال : من يأمن الفتنة ، يا بنيّ لا يخرجنّ منك ما سمعت منه فإنّه من الأمانة وإنّي أكره أن يتعلّق به الناس عليه يتناولونه ، وقد قال رسول الله (ص) : الحقّ مع عمّار ما لم تغلب عليه ولهة الكبر ، فقد وله وخرف. وممّن قام على عثمان ، محمّد بن أبي بكر الصدّيق ، فسأل سالم بن عبد الله في ما قيل عن سبب خروج محمّد ، قال : الغضب والطمع وكان من الإسلام بمكان ، وغرّه أقوام فطمع وكانت له دالّة ولزمه حقّ فأخذه عثمان من ظهره.
ج ـ روى الطبري (٤٨) في أخبار سنة ثلاثين أمر أبي ذرّ كالآتي :
(عن سيف ، عن عطية ، عن يزيد الفقعسي ، قال : لما ورد ابن السوداء الشام لقي أبا ذرّ فقال : يا أبا ذرّ ألا تعجب إلى معاوية يقول : المال مال الله ، ألا إنّ كلّ شيء لله كأنّه يريد أن يحتجنه دون المسلمين ويمحو اسم المسلمين ، فأتاه أبو ذرّ فقال : ما يدعوك إلى أن تسمّي مال المسلمين مال الله؟ قال : يرحمك الله يا أبا ذر ، ألسنا عباد الله والمال ماله والخلق خلقه والأمر أمره ، قال : فلا تقله. قال : فإنّي لا أقول إنّه ليس لله ، ولكن سأقول مال المسلمين. قال : وأتى ابن السوداء أبا الدرداء فقال له : من أنت؟ أظنّك والله يهوديّا. فأتى عبادة بن الصامت فتعلّق به فأتى به معاوية فقال : هذا والله الّذي بعث عليك أبا ذرّ. وقام أبو ذرّ بالشام وجعل يقول : يا معشر الأغنياء واسوا الفقراء ، بشّر الّذين يكنزون الذّهب والفضّة ولا ينفقونها في سبيل الله بمكاو من نار تكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم ، فما زال حتّى ولع الفقراء بمثل ذلك وأوجبوه على الأغنياء وحتّى شكا الأغنياء ما يلقون من النّاس. فكتب معاوية
__________________
(٤٨) تاريخ الطبري ، ط. أوربا ١ / ٢٨٥٨ ـ ٢٨٥٩.