وجاء في جواب سعد بن معاذ الأنصاري قوله :
(فامض يا رسول الله (ص) لما أردت ، فنحن معك ، فو الّذي بعثك بالحقّ لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك ما تخلّف منّا رجل ... فسر رسول الله (ص) بقول سعد ونشطه ذلك).
ترى ما ذا كان جواب الصحابيّين أبي بكر وعمر لرسول الله (ص) الّذي حذف من هذه الرواية وأبدل بقول مبهم وهو : [وأحسن]؟ ولو كان القول حسنا فلم حذف ذلك القول الحسن!؟ بينا أثبت قول المقداد المهاجري وسعد بن معاذ الأنصارى ، نرجع إلى صحيح مسلم فنجد في روايته :
انّ رسول الله (ص) شاور أصحابه حين بلغه إقبال أبي سفيان قال :
(فتكلّم أبو بكر ، فأعرض عنه. ثمّ تكلّم عمر فأعرض عنه .... الحديث).
ترى لما ذا أعرض الرسول (ص) عن الصحابيّين ، لو كان قولهما حسنا؟ ونبحث عن قولهما لدى الواقدي والمقريزي فنجدهما يقولان هكذا ، واللّفظ للأول :
(قال عمر : يا رسول الله إنّها والله قريش وعزّها ، والله ما ذلّت منذ عزّت ، والله ما آمنت منذ كفرت ، والله لا تسلم عزّها أبدا ، ولتقاتلنّك ، فاتّهب لذلك أهبته وأعدّ لذلك عدّته ...) (١).
عرفنا من رواية ابن هشام والطبري ومسلم أنّ الصحابيّ عمر تكلّم بعد الصحابيّ أبي بكر ، ووصف الطبري وابن هشام قول كلّ منهما ب [فأحسن] وفي رواية مسلم أنّ الرسول (ص) أعرض عن أبي بكر ، ثمّ عن عمر ، ومن ثمّ نعرف أنّ قولهما كان أمرا واحدا ، وعند ما صرّح الواقدي والمقريزي بقول عمر وكتما قول أبي بكر ، كشف لنا قول عمر ـ أيضا ـ عن
__________________
(١) مرّ بنا ذكر مصادر الخبر في بحث مناقشة الاستدلال بالشورى بهذا الكتاب.