من أهل العلم جواز قتله ولا سبي أولاده ، وإنما الخلاف فيما يملكه من الضياع والعقار ، فعندنا أنها غنيمة من جملة دار الحرب وهو مذهب الحنفية ، وقال الشافعي : لا تغنم الضياع والعقار التي له ، فلو كان كافرا بإقامته في دار الحرب ، لم يتأتى هذا التفريع.
والكلام في هذه المسألة : كالكلام في الأولى ؛ لأن الكفر عندنا لا يكون بمجرد الحلول في دار الحرب ؛ لأن عندنا يجوز للإمام وللداعي السكون في دار الحرب ، وقد فعل ذلك يحيى بن عبد الله وهو إمام ، وفعل ذلك الناصر الأطروش عليهالسلام وهو داع قبل عقد إمامته ، وأصله فعل الأنبياء عليهمالسلام وذكر إقامته في دار الحرب مجردا من قولنا : مختارا غير متمكن من الخروج لا يبيح خلافا في المسألة ؛ لأنّا لا نقول : بأنه يكفر بمجرد الإقامة ؛ لأنّا قد أجزنا ذلك لمن قدّمنا ذكره ، وللضعيف ، والمسكين ، والمرأة ، والممنوع ، والجاهل بالسبيل فيخشى التلف للجهل ، وإنما كان تحقق الكلام في المسألة لو قال : وأقام فيها مع التمكن من الخروج عنها ، فإن صرّح مصرّح منهم بأنه يجوز للمسلمين السكنى في دار الحرب مع التمكّن من الخروج كانت المسألة خلافا ، ولسنا نستوحش مما خالفنا في هذه المسألة ولا غيرها ، وحكمنا في المسلم في دار الحرب هو هذا الحكم متى حملنا حاله وذكر لنا إسلامه رعيا لجلالة الإسلام ، وتغليبا لأمره ، وأولاده الصغار لا شكّ مسلمون بإسلامه ، وهذا عندنا مستقيم.
وأما أولاده الكبار فحكمهم راجع إلى أنفسهم إن أسلموا فحكمهم الإسلام وإن كفروا فحكمهم الكفر ، ولا يجوز قتله والحال هذه عند أحد من أهل العلم ولا سبي أولاده.