دونهم بوابا ، ولا يجعل بينه وبينهم حجابا ، وأنه يعدل في الرعية ، ويقسم بالسوية ، ولا يرضى لنفسه استئثارا ، ولا يكنز من مال الله درهما ولا دينارا ، يكون للصغير أبا شفيقا ، وللكبير أخا رفيقا ، وأقسم بالله إن أطيع ، لا فقد من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلا وجهه.
قال مع كلام طويل فيه هذا وشبهه.
الكلام على ذلك : قال أرشده الله : وابتهجنا بإجماع الكلمة ، وقد اجتمعت فالحمد لله ، وبإرعاب الظلمة وقد أرعبت وهزمت بمنة الله ، وما ذكره من مواعيد الدعوة فقد كان واعدها أصدق من القطا ما استقر به قرار ولا ألفه وطاء دون أن أذلت شياطين النفاق ، وخضعت في جميع هذه الآفاق.
وأما ما ذكره من العفة والزهد فبرهان ذلك ظاهر ، لمن لم يكن لعقله مكابر ، وكيف لا يعف ويزهد عن الحرام من معرفته بباطن أمر الدنيا أبلغ من معرفة أكثركم بالظاهر ، لم يرتضع أباريقها في ريعان الحداثة ، فكيف وهو في أوان الاكتهال يعرفه من عاشره برفض جانبها ، وإلقاء حبلها على غاربها.
دنيا تخادعني كأني لست أعرف حالها |
|
بسطت إليّ يمينها فرددتها وشمالها |
حظر الإله حرامها وأنا اجتنبت حلالها |
|
ورأيتها محتاجة فوهبت جملتها لها |
والله ما أعلم من يوم ملكت رشدي ، وميزت هزلي عن جدي ، أني اتبعت فيها طعاما بالجور ، ولا رددت مطعوما قدم إليّ تأنفا وعفة ، ولهي عندي أحقر من القمامة والجيفة ، قد قنعت منها بوجبة العشاء وشربة السحر ، واستبدلت في أكثر لياليها لعلاج هذه الأمة السهر بالنوم ، ألبس الثوب الرفيع الذي يجوز لي لباسه لله ، وأتركه لله ، وكم موقف أحجمت فيه الشجعان بسطت فيه يدي