أنشأ بمبلغه من العلم نصحه إلى الإخوان يردها من آمن ، ويقبلها من مان فلينظر من فارق ومن وافق :
أثكلها قد ثكلته أروعا |
|
أبيض يحمي السرب أن تفزعا |
ولما وقفنا عليها وجدناها قد ملئت مينا وزورا ، جعله منشئ الرسالة في الكتاب مسطورا ، يلقى به يوم القيامة كتابا منشورا ، (لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) [الكهف : ٤٩] ، فلولا أنه حقق تعديل من نقله إليه لحسنا الظن فيه ، وكنا غير عارضين له لأنه وجه الكلام إلى غيرنا ، ولكنا علمنا أن مسائل كلامه مبنية على الحكايات التي حكاها رواتها ، ومال فيها سعاتها ، أو كانت محرفة عن بابها ، منفية عن نصابها ، كما قال تعالى في إخوانهم : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) [المائدة : ١٣] ، أو كان لها وجه جهله الراوي ومن روى له ، ولم يعرف واحد منهما وجوهه ولا علله ، فأردنا أن نكشف لكل مسلم متبصر وجه تلك المسائل ، ولا نيأس أن يرجع إلى الحق السائل ، إن كان بما قال من البرهان عاطل ، وقد كان أولى له إن كان يروم إيضاح منهاج الحق وسلوك سبيل السلامة ، أن يزور إمامه ، قبل رفضه للإمامة ، ويجرد للسؤال حسامه على أعيان الخاصة والعامة ، فإن جاء بشيء مبين ، وأخرج حجة بيضاء للناظرين ، كان مما ارتكب على يقين ، وسلك سبيل المتقين ، وإن رده الحق إلى الصواب ، كان قد تعلق بأقوى الأسباب ، فلو كان إمامه قبل فيه نقل الناقلين ، وصدق قيل القائلين ، من أول المدة لنزله منزلة أمثاله من الرافضين ، ولم يجعله لدين الله من الحافظين ، ولكنه اتبع ما وجب من حمل ظواهر المسلمين على السلامة ، وتلقى قول القائلين منهم للحق بالقبول والكرامة ، وإلا فعزيز عليه أن يناقض أحدا من المسلمين ، أو يخاطبه بخطاب المجرمين.