الأئمة عليهمالسلام وعلة المنع من الوقف الذي منعوا منه لأنه خلاف السنة فهل في السنة يرحمك الله إيثار الذكور على الإناث أو وقف المال لئلا تقضى منه الديون ، أو لأن لا تأخذ المرأة المال بدينها وإرثها ما هذا من السنة في شيء ، وعمارة القبور أدخل في باب الجواز من منع الغريم قضاء دينه ، وقد ورد في المطل الوعيد ، وإذا قد تقرر مذهبهم عليهمالسلام المنع من الوقف ، متى فارق القربة ، ومتى خالف السنة ، ومتى كان في مباح محض فهل رأيت أصولنا تجاوزت هذا القول فانظر في ذلك فما وجدت من قول الأئمة عليهمالسلام خارجا عن هذا الباب فهو منقوض بقولهم عليهمالسلام ؛ لأن الفروع يجب ردها إلى الأصول ، وقول يحيى بن الحسين عليهالسلام ينقض بقوله لا بقول غيره إذ لا سلطان للغير عليه ، ولا سبيل له إليه ؛ وإنما يرد فرع قوله إلى أصله كما أمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يرد قوله إلى كتاب الله ، ويرد مجهول قوله إلى معلومه.
وهذه المسائل عن الأئمة عليهمالسلام لا توجب كون المسائل خلافا فيما أراه لأن أصلهم واحد في أن الوقف لا يكون إلا قربة والذي به منعنا من الوقف على تلك الصورة هي هذه العلة ، وإن سلمنا أن وقف الثلث قربة حكمنا بجوازه ووجوب إمضائه ، وإنما نقول يجوز أن يقع السهو عن المسألة والمسائل ويبنى الآخر على قول الأول لمثل تلك العلة ، وإنما يقع الخلاف في المسألة متى علل أحد المجتهدين بعلة وعلل الآخر بعلة أخرى ؛ فهذه مسائل الخلاف ويبقى النظر في ترجيح العلل كأن يعلل أحد المجتهدين بأن علة الربا كون هذا مطعوم جنس ، ويعلل الآخر بأن هذا مكيل جنس ؛ فأما إذا كانت العلة واحدة فلا يتحقق الخلاف في ذلك ، وقد ثبت أن العلة في صحة الوقف القربة لأنه لا يوقف إلا لله ولا يقبل الله تعالى إلا ما يرضى ولا يرضى إلا القرب فتأمل ذلك تجده على ما قلنا.