قول الله تعالى قالوا به وصدقوا قال : (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) [الزمر : ٧] ، وقال : (وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ) [التوبة : ٤٦] لكونهم لا يريدون إلا الفساد فثبطهم ، وقال تعالى : (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ) [الحشر : ٥] فمعنى بإذن الله رضاه وأمره ، وقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله شرهم ، ومن أرضى الناس بسخط الله وكله الله إليهم» (١) إلى غير ذلك.
وأما قوله : يكون في ملكه ما يكره فلا شك في ذلك لأنه تعالى يكره تكذيب رسله وقتلهم وعبادة غيره والإلحاد في أسمائه ، ولكنه واقع في ملكه لا على وجه المغالبة وإنما هو على وجه التخلية والتمكين من ذلك لتمييز الخبيث من الطيب ، والمسيء من المحسن ، فخيّر ومكّن ، وأوضح وبيّن ، وجعل للعبد عينين ، ولسانا وشفتين ، وهداه النجدين ، طريق الخير ورغّبه فيها ، وطريق الشر وحذّره منها ، ليهلك من هلك عن بيّنة ، ويحيا من حي عن بيّنة.
وأما أنه جبار الجبابرة مليك الدنيا والآخرة فذلك هو سبحانه وتعالى ، وهو قاصم الجبارين ، ومبيد المتكبرين ؛ وإنما منعهم أياما قليلة لإبلاغ الحجة عليهم ، ثم أخذهم أخذا أليما شديدا ، فتركهم حصيدا خامدين ، فذهبت أيام المهلة ، وأقبلت أيام التبعة ، فيا لها حسرة!! على كل ذي غفلة ، ولو لا ذلك كذلك لما
__________________
(١) أورده في موسوعة أطراف الحديث بلفظ : «من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله الناس» وعزاه إلى موارد الظمآن برقم (١٥٤١) ، والأسماء والصفات للبيهقي ٥٠٣. وبلفظ : «من أرضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس» وعزاه إلى إتحاف السادة المتقين ٦ / ١٣٩ ، ٣٧٢ ، وكنز العمال برقم (٤٣٧٠٥) ، وحلية الأولياء ٨ / ١٨٨. وبلفظ : «من أرضى الله في سخط الناس رضي الله عنه» وعزاه إلى الترغيب والترهيب ٣ / ٢٠٠ ، وإتحاف السادة المتقين ٨ / ٢٩١ ، ومجمع الزوائد ١٠ / ٢٢٤ ، والطبراني ١١ / ٢٦٨ ، وهو بألفاظ مقاربة في مصادر أخرى. انظر موسوعة أطراف الحديث النبوي ٨ / ٧١.