بسحقنا (١) هذا الحجر وتصويلنا (٢) له ومزجنا إيّاه بقدر من الماء المصعّد المقطر المردد مرات قدره أضعاف ذلك ، ولم نر في ذلك الماء خثورة أصلا فبطل هذا السؤال.
ويقرب من ذلك أنّا إذا أخذنا ماء القلي المصفى غاية التصفية ثمّ خلط بخل الذي مزج فيه ماء المرتك ثمّ صفى عليه ثمّ خلطا جميعا فانّه يحصل منه شيء يسمى لبن العذراء ثمّ ينعقد في نفسه حجرا قاسيا ، فذلك ماء انقلب أرضا.
وأمّا عكسه وهو انقلاب الأرض ماء ، فإنّ أهل الحيل يحلّون الأجساد الصلبة الحجريّة مياها سيّالة. يعرف ذلك أصحاب الحيل الذين هم طلاب الإكسير. ويكون ذلك بتصييرها أملاحا إمّا بالاحتراق أو بالسحق مع الأجسام المشابهة للاملاح كالنوشادر ، ثمّ إذابتها بالماء كما يشاهد في الأجزاء الأرضية النديّة المحترقة كيف تصير ملحا وتذوب بالماء.
لا يقال : تلك الأحجار كانت فيها مياه كثيرة لكنّها كانت شديدة الاختلاط بما فيها من الأرضية فإذا دبرت بالمياه الحارة (٣) ضعف الامتزاج وتخلصت الأجزاء المائية عن الأرضية واختلط تلك (٤) الأجزاء المائية من ذلك الماء الحار (٥) قدر صالح. ثمّ إنّه مع ذلك إنّما ينحل بالبرد المقتضي لبرد الأجزاء الصغيرة المتفرقة في الهواء وهي إذا بردت ثقلت فنزلت واتصلت عند النزول ويحصل منها ماء صالح له قدر يمتزج بالمحلول الأوّل فيصير في الحس كأنّه ماء حار.
__________________
(١) في المباحث : «ما يقلّل سحقنا» ، ص ٧٠٣.
(٢) في الشفاء : «تهييئنا». الفن الثالث في الكون والفساد ، ص ١٠٥. والتصويل : اخراجك الشيء بالماء ، كتصويل الكنس (نقاه) أخرج ما فيه من تراب ونحوه بالماء. كذا في هامش نسخة ج.
(٣) في المباحث : «الحادة» ، ص ٧٠٤.
(٤) في المباحث : «بتلك».
(٥) في المباحث : «الحاد».