المسألة السادسة : في بقايا مباحث هذا النوع (١)
الأوّل : ظاهر كلام الشيخ يدلّ على أنّ ماهية العلّة القسرية هو الميل ، فإنّه قال : «أصحّ المذاهب مذهب من يرى أنّ المتحرك يستفيد ميلا من المحرّك». (٢)
فإن عنى بالميل نفس المدافعة الحاصلة بالقاسر ، فإنّها لا تبقى بعد مفارقته. وإن عنى به علّة المدافعة ، فالأمر كما قال.
وتحقيق القول فيه : أنّه قد سبق في الإشكال وما تقدّم عليه امتناع اشتداد الشيء وضعفه. نعم المشتد والمتنقص هو الموضوع في ذلك العرض فالميل الغريب (٣) إن لم يضعف بقى حتى يصاكّ الحجر سطح الفلك ، وإن ضعف لم تبق ذاته مع الضعف فيعدم الميل الأوّل ويحدث آخر. فتكون هناك ميول متوالية ، فإن لم يكن لكلّ واحد منها وجود إلّا في الآن لزم تتالي الآنات. فإذن لا بدّ في كلّ واحد منها أن يبقى زمانا ثمّ يعدم في الآن الذي يوجد فيه الميل المعاقب له ، ولا حاجة إلى فرض آنين يعدم في الأوّل منهما الميل الأوّل ، ويوجد في الثاني الميل الثاني حتى يلزم السكون بينهما ، بل كما أنّ الصورة الكائنة (٤) تحدث في آن فساد الصورة الفاسدة ، فكذلك هنا.
لكن يبقى الإشكال الصعب في سبب حدوث الميل الثاني. فإن كان الأوّل كان المعدوم مؤثرا في الموجود ، كما قال أصحاب التولد (٥) ، فالأجود أن تثبت قوّة محفوظة الذات في جميع زمان الحركة من غير أن يقع فيها اشتداد ولا تنقّص وتكون
__________________
(١) راجع المباحث المشرقية ١ : ٧٤٩ ؛ شرح حكمة العين : ٤٥٣.
(٢) الرابع عشر من رابعة الأول من الشفاء (السماع الطبيعي) : ٢٢٦.
(٣) في المباحث : «القريب».
(٤) ق : «الكائنية».
(٥) في المباحث : «التوليد».