به وجه الله تعالى هالك باعتبار عدم الغاية الذاتية فيه. والهالك هو المعدوم وهو الذي سلب(١) عنه الوجود ، فإذا سلب عن الشيء ذلك صدق أنّه هالك. ولا يلزم من الإطلاق الاتصاف في الحال ، لأنّ اسم الفاعل يصلح للحال والاستقبال ، كالأفعال المضارعة (٢). وثبوت الهلاك أولى من القبول هنا ، لأنّه أدخل في المدح بالبقاء لله تعالى. ولا مجاز إذا حملنا الهلاك على سلب الوجود ، لأنّ المعدوم أيضا كذلك. على انّا نمنع صحّة هذا المذهب ، فانّ الحقّ عندنا أنّ المعدوم ليس بشيء.
المسألة الخامسة : في جواز الخرق على الأفلاك
اتّفق الملّيّون على ذلك خلافا لأكثر الفلاسفة. (٣)
لنا وجوه : (٤)
الوجه الأوّل : الأجسام ممكنة بذواتها وأجزائها وكلّ ممكن فانّه يجوز عليه
__________________
(١) ق : «يسلب».
(٢) قال العلّامة الطباطبائي في تفسيره القيم (الميزان) : «وأمّا على تقدير كون المراد بالهالك ما يستقبله الهلاك والفناء بناء على ما قيل : إنّ اسم الفاعل ظاهر في الاستقبال ، فظاهر الآية أنّ كلّ شيء سيستقبله الهلاك بعد وجوده إلّا وجهه. نعم استقبال الهلاك يختلف باختلاف الأشياء فاستقباله في الزمانيات انتهاء أمد وجودها وبطلانها بعده وفي غيرها كون وجودها محاطا بالفناء من كلّ جانب. وهلاك الأشياء على هذا بطلان وجودها الابتدائي وخلوّ النشأة الأولى عنها بانتقالها إلى النشأة الأخرى ورجوعها إلى الله واستقرارها عنده ، وأمّا البطلان المطلق بعد الوجود فصريح كتاب الله ينفيه ، فالآيات متتابعة في أنّ كلّ شيء مرجعه إلى الله وأنّه المنتهى وإليه الرّجعى وهو الذي يبدئ الخلق ثمّ يعيده». ١٦ : ٩٢.
(٣) وخلافا للرازي في المباحث المشرقية ٢ : ٨٨ ، حيث استدل على امتناع الخرق بوجهين ، فراجع. ولكنّه في المحصل عبر عن مذهب الفلاسفة بالزعم وأحال الجواب عن أدلّتهم إلى كتبه الكلامية والحكمية. راجع نقد المحصل : ٢٢٥ ـ ٢٢٦.
(٤) راجع قواعد المرام : ١٤٨ (البحث الرابع).