يوصف بالحركة أو السكون؟ ولو كان حركة الجزء الفرضي شرطا وعلّة لحركة الكلّ لزم وجود علل ومعلولات غير متناهية ، لأنّ الأجزاء الفرضية في كلّ جسم غير متناهية. وإن لم يكن متصلا (١) لم يكن الجزء جزءا بالحقيقة بل لم يكن الجسم واحدا بالحقيقة ، بل مجموع أجسام كثيرة كلّ واحد منها متحرك بالذات.
فالحاصل أنّ الاتصال الحقيقي إن وجد لم يوجد الجزء ، فلم يمكن وصفه بالحركة. وإن وجد لم تكن هناك جزئية ولا كلية. وأيضا حركة الكلّ لا تتوقف على حركة الجزء ، بل على سكونه بالذات وحركته بالعرض.
سلّمنا أنّ حركة الكلّ متوقفة على حركة الجزء ، لكن لم لا تكفي في حركة الكلّ حركة الأجزاء؟ فإنّ عند الخصم حركة الأجزاء واجبة لذاتها وهي كافية في حركة الكل ، وعلى (٢) هذا يحتاج المستدل إلى بيان أنّ حركة الأجزاء غير واجبة لذاتها ، لكن الطريق الذي تبين به ذلك يمكنه استعماله في المطلوب إن قدر عليه ، فيصير التعرض للكل والجزء ضائعا.
سلّمنا أنّه لا بدّ من حركة الجزء ، لكن ذلك لا يقتضي وجود زائد على الجزء يوجب الحركة.
المسألة الثالثة : في ما منه وما إليه
إنّه سيظهر لك (٣) أنّ الحركة عند الفلاسفة إنّما تقع في مقولات أربع ، وقد عرفت أنّ الحركة تغير وانتقال من شيء إلى شيء فالمنتقل عنه هو مبدأ الحركة وما منه الحركة ، والمنتقل إليه هو ما إليه الحركة.
__________________
(١) بل كان مجموعها حاصلا من أجزاء متلازمة. المباحث المشرقية : ١. ٦٨١.
(٢) ق : «عند».
(٣) ص ٣٦٩.