وأمّا انقلاب الماء نارا ، فقد ذكر الرئيس أنّه شاهد قمقمة صغيرة مشدودة الرأس وضعت في أتون فانشقت وخرج كلّ ما كان فيها نارا. ومعلوم أنّ الماء الذي كان فيها لم تمازجه أجزاء نارية لا بأن كانت كامنة فظهرت فيها ، ولا بأن نفذت إليه ودخلت فيه لعدم المنفذ في القمقمة. فإذن الماء الذي كان فيها انقلب إلى الهوائية والنارية.
واعلم أنّ هذه الأمور غير يقينية.
تذنيب : قالوا لمّا ثبت تكون كلّ واحد من صاحبه ثبت أنّ بينها (١) هيولى مشتركة تخلع صورة كلّ واحد منها (٢) بسبب تجدّد استعداد مناسب للصورة الجديدة وتلبس تلك الصورة فيتكون ذلك الذي صورته متجددة وتفسد الصورة المخلوعة وتعدم عن ذلك الجسم ، فلهذا أثبتوا الهيولى مشتركة في العناصر دون الأفلاك.
المقام الخامس : في أنّ الصور الجوهرية لا تحدث بالحركة
لمّا أثبتوا الكون والفساد في الصور العنصرية مع أنّها جواهر لم يكن ذلك نافعا لهم في مطلوبهم وهو : امتناع وقوع الحركة في الجوهر إلّا بالعرض ، فشرعوا في النافع لهم وهو : أنّ هذا التبدل والتغير في الصور الطبيعية لا يمكن أن يحدث على التدريج ، بل إنّما يحدث دفعة واحدة.
واحتجوا عليه بوجوه : (٣)
__________________
(١) ج : «بينهما».
(٢) ج : «منهما».
(٣) راجع الفصل الثالث من المقالة الثانية من الفن الأوّل من طبيعيات الشفاء ؛ المباحث المشرقية ١ : ٧٠٧ ؛ شرح المواقف ٦ : ٢١٦ ؛ شرح المقاصد ٢ : ٤٢٣.