هواء استحال ماء.
وحكى الرئيس : انّه شاهد ذلك بجبال طبرستان وطوس وغير هما ، وقد شاهد أهل المساكن الجبليّة ذلك كثيرا.
قال أفضل المتأخّرين : «تبريد الإناء للهواء ليس بأعظم من تبريد الأراضي الجمديّة إيّاه في صميم الشتاء ، بل في المواضع التي تخفى الشمس عنها ستة أشهر ، وذلك يقتضي انقلاب أكثر الهواء ماء. وأيضا لو كان انقلاب الهواء ماء للبرودة فبعد نزول الثلج يصير الهواء أبرد ممّا كان قبله ، ويوم الصحو أبرد من يوم المطر. فإذن يلزم أن يستمر الثلج والمطر إلى أن يتغير الفصل والهواء». (١)
وأجاب أفضل المحقّقين : «بأنّ هذا غير قادح في غرضنا ، لأنّا لم ندع أنّ السبب في ذلك أيّ برودة هي ، ولا أنّها على أيّ شرط ينبغي أن تكون ، ولا أنّ المانع إيّاها عن ذلك أيّ شيء هو. وإذ لم ندع حصر الأسباب الموجبة للكون والفساد فلا يلزمنا النقض بعدم الكون والفساد عند حصول برودة ما ، بل إنّما ادّعينا إمكان وجود الكون والفساد بمشاهدة ما يقتضي حصوله ، فمهما ثبت ذلك لمن شاهد واعتبر علم بالجملة أنّ للكون والفساد سببا موجبا هو البرودة مثلا بحال ، فإن حصلت البرودة ولم يحصل الكون والفساد حكم بفقدان شرط أو وجود مانع بالجملة وإن لم يعرفهما بالتفصيل فانّ الجهل بتفصيل ذلك لا يقدح في علمه بإمكان وجودهما». (٢)
وفيه نظر ، فإنّا إذا وجدنا برودة غالبة ولم يحصل مانع من تأثير المؤثر ، ثمّ لا يحصل الأثر جزمنا بانتفاء العلّية عن ذلك السبب.
ونقل أفضل المتأخرين عن بعضهم «أنّه يحتمل أن يقال : الأجزاء المتصغرة
__________________
(١) و (٢) شرح الإشارات ٢ : ٢٦٢.