القدح».
فجوابه : أنّ تبريد الجمد مغلوب بتسخين حرارة العالم فلا يتعدّى تبريد الجمد عن الهواء القريب منه جدا فإذا أحاله ماء (١) لم يكن لذلك الماء من البرد ما للجمد فيكون ضعيف البرد فلا يقوى على إحالة هواء آخر ماء ، بل يصير كالحجاب من وصول تأثير الجمد إلى هواء آخر ، بل إذا انقطعت القطرات فقد زال المانع ، فلا جرم تعود تلك الإحالة.
والثاني : وهو أن يقال : الندى يترشح ممّا في داخل الآنية فهو باطل لوجوه :
الوجه الأوّل : قد يوجد الندى من غير أن يكون فيه ماء ، بل بسبب وجود الجمد الذي لم يتحلّل بعد ، بل كلّما كان الجمد أبعد من التحلّل كان هذا المعنى أكمل.
الوجه الثاني : يلزم أن لا يوجد الندى إلّا في موضع الرشح ، لكن الوجود يكذبه فانّه يوجد فوق ذلك الموضع مع أنّ الجمد يسفل منه.
الوجه الثالث : لو كان ذلك للرشح لكان ظهور الندى مع حرارة الماء أولى وأكثر ، لأنّ الحار ألطف وأقبل للرشح لرقّة قوامه ، وليس كذلك.
الأمر الثاني : تكوّن السحاب المتولد في قلل الجبال دفعة (٢) ، وذلك لأنّه قد شوهد الهواء الصافي أصفى ما يكون ثمّ ينعقد دفعة من غير بخار صعد إليه أو ضباب ينساق إليه أو سحاب يأتي إليه من موضع آخر ، ثمّ ينزل ذلك السحاب ثلجا ، ومقدار ذلك رمية في رمية ثمّ يعود الهواء صافيا ثمّ ينعقد مرّة أخرى ويدوم ذلك إلى أن يتصل (٣) من هذا الوجه على تلك البقعة ثلج عظيم ، وليس ذلك إلّا
__________________
(١) في النسخ : «ما» ، أصلحناها طبقا للمعنى. وفي المباحث : «فإذا إحالة ماء».
(٢) وهذا في قلل الجبال الباردة. طبيعيات النجاة : ١٨٠ (فصل في فسخ ظنون قيلت في هذا الموضع).
(٣) كذا ، وفي الشفاء : «ينتضد».