الوجه السابع : القمقمة إذا ملئت ماء وشدّ رأسها شدا محكما ووضعت في نار قويّة فانّها تنشقّ بعد صيرورة أكثر ما فيها نارا وتصيح صيحة هائلة تنفر عنها الدواب ، وهي من حيل السحارين (١) ، فحدوث السخونة والنار داخلها مع امتناع دخول النار فيها وخروج الماء منها يدلّ على الاستحالة والكون معا.
الوجه الثامن : (٢) الجمد يبرّد ما يوضع فوقه ، والأجزاء الباردة لا تتصعد بالطبع وتنفر عن الحار فلا تتحرك إليه بالطبع ، ولا قاسر هناك ، فإذن هو للاستحالة.
اعترض أفضل المتأخرين بأنّ الجسم البارد بالطبع إذا وضع فوق الجمد فلعلّه يبرد بالطبع. (٣)
وأجاب أفضل المحقّقين : بأنّه يقتضي أن يبرد مثله من غير وضع على الجمد مثل تبرّده. (٤)
وفيه منع.
لا يقال : إنّ مجاورتهما سبب لحصول الاستعداد لذلك النفوذ.
لأنّا نقول : هذا اعتراف بالاستحالة.
الوجه التاسع : الإنسان يغضب فتتسخن بشرته من غير وصول نار إليه. (٥)
__________________
(١) في شرح الإشارات : «المتحاربين».
(٢) أنظره في الشفاء : ١٠٩.
(٣) شرح الإشارات : ٢ / ٢٨١.
(٤) شرح الإشارات : ٢ / ٢٨١.
(٥) وفي الحديث عن أبي سعيد الخدري ، قال : صلّى بنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوما صلاة العصر بنهار ثمّ قام خطيبا فلم يدع شيئا يكون إلى قيام الساعة إلّا أخبرنا به. ومنه : «ألا وإنّ الغضب جمرة في قلب ابن آدم أما رأيتم إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه.» رواه الترمذي في كتاب الفتن ، باب ٢٦ / ٢١٩١. راجع أيضا مجموعة ورّام ١ : ١٢٣.