وكذا المخلخل (١) الذي يجعل قوامه بالقسر رقيقا متخلخلا ، كهواء الكير بإلحاح النفخ عليه ومنع الهواء الخارج من الدخول إليه ، فانّه يتسخن لا محالة ، لأنّ السخونة تستلزم التخلخل. فالحركة الشديدة المقتضية لرقة القوام تقتضي السخونة أيضا.
وكذا المخضخض (٢) وهو الجسم الرطب السيال إذا حرك قويا فانّه يتسخن أيضا من غير وصول نار غريبة إليه ، لانّه قبل هذه الأفعال غير متسخن وإذا تسخن بها مع أنّا لا نحس بوصول نار غريبة إليه في الحالين وجب اسناد ذلك إلى الاستحالة الحاصلة من هذه الأسباب.
الوجه الخامس : إذا وضعنا جسمين مائعين متشابهين في إناءين أحدهما مستحصف مستحكم الجرم كالنحاس ، والآخر متخلخل في الوضع مشتمل على فرج صغيرة ومسامّات ضيقة كالخزف ثمّ نسخّنهما بنار واحدة نسبتها إليهما في التأثير واحدة فانّ الذي في المستحصف يتسخّن قبل الذي في المتخلخل وأشدّ منه ، ولو كان التسخن بالنفوذ لانعكس الحال (٣) لسهولة النفوذ فيه دون الآخر ، وليس كذلك.
الوجه السادس : إذا ملأنا إناء ماء وصمّمنا (٤) رأسه جدّا وسخّناه لم يمتنع عن التسخن التام بواسطة شدّ رأسه المانع من خروج شيء منه بحيث تدخل عوضه الأجزاء النارية مع امتناع دخول شيء يعتد به فيه إلّا بعد خروج شيء عنه لامتناع التداخل ، وليس كذلك.
__________________
(١) راجع السادس من الكون والفساد من طبيعيات الشفاء : ١٢٣.
(٢) راجع المصدر نفسه ، الفصل الرابع : ١١٠.
(٣) بأن يتسخّن الذي في المتخلخل قبل الآخر. شرح الإشارات ٢ : ٢٨٠.
(٤) صمام القارورة : شدادها. المصدر نفسه : ٢٨١.