يستند إليها الأثر العظيم ، كالزعفران اليسير يصبغ الماء الكثير.
لأنّا نقول : فحينئذ يكون عوده إلى البرودة لأجل مفارقة تلك النارية القليلة فيجب أن لا يكون النقصان الحاصل عند البرد محسوسا. إلّا أن يقال : النارية لمّا انفصلت استصحبت (١) شيئا كثيرا من الجسم. فنقول : لم إذا صارت صرفة ليس معها الرقيق تعود إلى عظمها؟
الوجه الثاني : الجمد إذا وضع على شيء بردّه ، فإن كان لتخلل أجزاء جمدية نافذة في ذلك الجسم من غير أن يطرد شيئا من أجزاء الجسم الأوّل وجب أن يزداد حجمه عند البرودة ، وإن طرد مثل نفسه وجب أن لا ينتقص الحجم عمّا كان ، لكن الشيء إذا برد انتقص حجمه عمّا كان ، وإن طرد أكثر من نفسه لم يعد إلى الحجم الأوّل إلّا بمخالطة حار أكثر من البارد النافذ حتى يعود إلى الحجم الأوّل ، فيكون البارد أقوى في التأثير من الحار وهو باطل على مذهبهم.
الوجه الثالث : (٢) الأجزاء النارية إذا نفذت في الماء فلا بدّ لذلك النفوذ من سبب ، فإن كان لقوّة طبيعية وجب أن يكون ذلك في جهة واحدة. وإن كان سببا خارجيا فذلك الخارجي كيف يسبلها (٣) عن مجاورة مشاكلاتها ويخلطها بضدها؟
الوجه الرابع : السخونة قد تحدث عند الحركة العنيفة فيما يغلب عليه أحد العناصر الثلاثة الباقية من غير حضور نار غريبة يمكن نفوذها في المتسخّن ، كالجسم اليابس الصلب إذا ماس مثله (٤) مماسة عنيفة وحك أحدهما بصاحبه حكا شديدا فإنّ المحكوك يتسخّن وقد يحترق من غير وصول نار غريبة إليه.
__________________
(١) في النسخ : «استصحب» ، أصلحناها طبقا للسياق.
(٢) أنظر في الشفاء : ١١٠.
(٣) كذا.
(٤) كحجرين أو خشبتين يابستين.