خروج الشيء عن
الصفة التي ينتفع به عندها ، ولهذا يستعمل الفناء في الموت ، يقال : افناهم الحرب
، وفنا زاد القوم ، والأصل في الإطلاق الحقيقة. قال الكعبي :
الفناء عند أهل اللغة الموت. وإذا ثبت كون الفناء حقيقة فيما ذكرناه وجب أن لا
يكون حقيقة في العدم دفعا للاشتراك.
وقيل في التفسير :
معنى الآية كلّ من على وجه الأرض من الاحياء فهو ميّت. وحمله على هذا أولى ، لأنّه
خصّ الفناء بمن في الأرض وتخصيص الحكم بالشيء دلالة قصر الحكم عليه عند البعض
وأمارة قصره عند الكل. ولأنّ الفناء الذي ادعيتموه يكون دفعة ويستحيل أن يكون على
التدريج ، وقد ذكرنا أنّ الفناء يقتضي مفهومه حصوله شيئا فشيئا وذلك ممكن فيما
ذكرناه.
وفيه نظر ، فانّ
مفهوم الفناء العدم وهو المتبادر إلى الذهن عند سماعه والأمثلة التي ذكروها دالّة
عليه ، فانّ الحرب أعدم الحياة ، وأكل الزاد أعدم كونه مأكولا. وسمّي الموت فناء
لاشتماله على عدم الحياة. وحمل الفناء على الموت مع بقاء الأجزاء نوع مجاز ، ولهذا
لا يقال للميت : إنّه قد فنى إلّا إذا صار رميما. والتخصيص بالذكر ضعيف. ومفهوم
الفناء لا يشتمل على التدريج.
والاعتراض
على الخامس : بأنّ الهلاك خروج الشيء عن كونه منتفعا به الانتفاع المخصوص فالإنسان من حيث
هو إنسان والأجسام بعد تفرقها تصير كذلك ، ليس هو أن يستدل به على إثبات الصانع بل
أمور أخر. وكذلك فانّ الميت إذا بلى وتمزّق قيل : إنّه خرج عن أن ينتفع به ، وإذا
كان كذلك كان معنى الآية هلاك الموت ، كما قال تعالى : (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ).
وقيل في التفسير :
كلّ عمل لم يرد به وجه الله فهو هالك ، أي غير مثاب
__________________