عليه. (١) وإذا كان كذلك سقط ما قالوه. (٢)
سلّمنا أنّ الهالك المعدوم ، لكن الآية على هذا التقدير لا يمكن اجراؤها على ظاهرها ، لأنّ وصفها بكونها هالكة يقتضي أن تكون معدومة في الحال وهو باطل اتّفاقا ، فوجب تأويلها. وأنتم حملتموه على أنّ مآلها إلى الهلاك ونحن حملناه على أنّها قابلة للهلاك ، فلم كان تأويلكم أولى من تأويلنا؟ بل تأويلنا أولى ، لأنّا لو حملناه على العدم وقد أضيف الهلاك إلى الشيء ، فإمّا أن يكون الشيء هو الذي يعدم حتى يخرج عن كونه شيئا فيلزم أن يخرج الشيء عن كونه شيئا فلا يكون المعدوم شيئا ، وهو خلاف مذهبهم. وإمّا أن لا يعدم الشيء شمل (٣) أن يعدم عنه أمر زائد نحو ما يذكرونه من الوجود الذي هو صفة زائدة على الشيء فيكون ذلك حملا (٤) للنص على المجاز وحمله على الحقيقة أولى.
وفيه نظر ، فانّ الجواهر الأفراد المتفرقة منتفع بها. وإثبات الصانع من أعظم الانتفاعات وهو الغاية في الوجود ، كما قال تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (٥). والميت هالك باعتبار عدم معظم صفاته. والعمل الذي لا يراد
__________________
(١) قال الطبرسي صاحب التفسير القيم (مجمع البيان) : «قيل : معناه كلّ شيء هالك إلّا ما أريد به وجهه ، فانّ ذلك يبقى ثوابه. عن عطا ، وابن عباس ، وعن أبي العالية والكلبي وهو اختيار الفراء وانشد :
استغفر الله ذنبا لست محصيه |
|
ربّ العباد إليه الوجه والعمل |
أي إليه أوجه العمل. وعلى هذا يكون وجه الله ما وجه إليه من الأعمال. مجمع البيان ، ذيل الآية ٨٨ ، سورة القصص. وقد فسر الوجه في الروايات عن علي بن الحسين عليهماالسلام وجعفر بن محمد عليهماالسلام بالأئمة الاثني عشر. وشرحها العلّامة الطباطبائي في الميزان ١٩ : ١٠٣.
(٢) قال البحراني : «لا يمكن حمل الهلاك على الفناء المحض ، لما ثبت من وجوب الحشر والنشر وامتناع إعادة المعدوم بعينه ، فوجب حمله على تفرق الأجزاء وتشذبها وخروج المركب عنها عن حدّ الانتفاع به ، وصدق الهلاك على ذلك ظاهر». قواعد المرام : ١٤٩.
(٣) كذا.
(٤) ق : «عملا».
(٥) الذاريات / ٥٦.