سلّمنا ، لكن هذا المذهب باطل عندنا فلا يتمشى هذا الجواب.
ه. سلّمنا أنّ للحقائق وجودا ، لكن لم قلتم بأنّ الآية تقتضي كونه أوّلا فيه؟
قوله : «لأنّا علمنا بأنّه أوّلا (١) في الوجود بدلالة حدوث غيره».
قلنا : هذه زيادة وصف عقلي واعتراف بأن النصّ وحده لا يكفي. ثمّ نقول على هذا : إنّه كما يمكن أن يكون أوّلا في الوجود لكون وجوده غير متجدد لكان يمكن كونه أوّلا في سائر صفاته من القدرة والعلم والحياة ، فلم كان حمله على ما ذكرتم أولى من حمله على غيره؟
لا يقال : يحمل على الجميع فيندرج كونه أوّلا في الوجود.
لأنّا نقول : لم قلتم بأنّ في النصّ ما يقتضي العموم حتى يحمل على الكل؟ فانّ أدنى درجات العام أن يكون مذكورا وأنّه ليس بمذكور ، فانّ النصّ لا ينافي كونه أوّلا في وصف ما على التعيين.
وفيه نظر ، فانّ الأوّل لمّا أمكن إضافته إلى الوجود وغيره وحصلت قرينة تدل على إرادة الوجود وهو تمام الآية في قوله : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ) ، فوجب الحمل عليه. ولا امتناع في دلالة الآية على مقدمة ودلالة غيرها على أخرى ليتم المطلوب ، ولا تخرج الآية حينئذ عن كونها جزء الدليل وأنّ الدليل إنّما يتم بها. والصفات كونه (٢) أوّلا فيها إنّما هو باعتبار الوجود في الزمان. والعموم مفهوم من الإطلاق ، لأنّا بيّنا أنّ الآية إنّما تدل على التمدح لو دلت على العموم. ولأنّ الأوليّة إنّما تطلق إذا كان عاما وإلّا لوجب التقييد.
و. سلّمنا اقتضاء النص كونه أوّلا في الوجود ، فلم قلتم : إنّه يقتضي كونه آخرا في الوجود؟ فانّ الآخر في وصف من الأوصاف إنّما يتحقّق كونه آخرا فيه إذا
__________________
(١) كذا.
(٢) ق : «كونها».