الفاعل أو وجود الجوهر؟
سلمنا ، لكن لم لا ينافيه من حيث الماهية ، على معنى أنّ ماهية الجوهر منافية لذاتها لماهية الفناء في الوجود لا مطلقا فلا يتنافيان في العدم ، كما أنّ الضدّين يتنافيان في المحل الخارجي وإن جاز اجتماعهما معا في الذهن؟
سلّمنا ، فلم لا ينافيه باعتبار آخر غير ما ذكرتم؟
الوجه الخامس (١) : هذا الفناء الذي يذهبون إليه لم لا يجوز أن لا (٢) تقارنه منفعة لأحد من الاحياء ولا ايصال حقّ إلى مستحق؟ وما كان كذلك كان عبثا قبيحا والله تعالى منزّه عن فعل العبث ، فيجب في الحكمة أن لا يفعل هذا الفناء.
أمّا الصغرى ، فلأنّ المنفعة إمّا عاجلة وإمّا آجلة فلا بدّ فيهما من الفعل والحياة ، وإنّما يتصور ذلك في الجسم إذا كان موجودا ، وهذا الفناء الذي يدعونه لا يقارنه عدم الجسم وعدم الجسم لا تقارنه الحياة فلا تقارنه المنفعة. وهو البيان لنفي إمكان إيصال الحقّ إلى المستحق. فثبت أنّ الفناء الذي يدعونه لا تقارنه منفعة ولا إيصال حقّ إلى مستحقّ.
وأمّا الكبرى ، فلأنّ ما لا تقارنه المنفعة ولا إيصال حقّ إلى المستحق يكون عبثا قبيحا فضروري ، فيقبح في الحكمة هذا الفناء.
فإن قيل : هذا يبطل بعذاب القبر ومساءلة منكر ونكير وأهوال يوم القيامة وعذاب أهل النار فانّه لا منفعة هناك لا عاجلة ولا آجلة ومع ذلك فهو حسن ، فجاز هنا مثله. ثمّ نمنع انتفاء المنفعة هنا.
قوله : «الفناء الذي يقارنه العدم لا تقارنه الحياة فلا تقارنه المنفعة».
__________________
(١) راجع شرح المقاصد ٥ : ١٠٤ ـ ١٠٦.
(٢) «لا» ساقطة في ق.