فطر الله النّاس عليها الّتى يعبّر عنها بالولاية التّكوينيّة الّتى هي الكتاب التّكوينىّ الالهىّ الّذى كتابه التّدوينىّ ظهوره وبيانه (وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ) هو الاتّصال بالنّبىّ (ص) بالبيعة العامّة أو بالولىّ (ع) بالبيعة الخاصّة الولويّة ويعبّر عنه بالولاية التّكليفيّة ، نسب الى الصّادق (ع) انّه قال : الحبل من الله كتاب الله والحبل من النّاس علىّ بن ابى طالب (ع) (وَباؤُ) اى يرجعون الى الآخرة والتّأدية بالماضي للمشاكلة مع الأفعال السّابقة والآتية ولتحقّق وقوعه (بِغَضَبٍ) عظيم (مِنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ) مشتقّ جعلىّ من المسكين وهو الّذى أسكنه الفقر من الحركة في معاشه وهو أسوء حالا من الفقير الّذى لا يكون له ما يكفيه لمؤنته وتلك الأوصاف جارية على اليهود من زمن النّبىّ (ص) الى زماننا هذا في جميع البلاد فانّه قلّما يوجد يهودىّ الّا وهو ذليل ، والآيات نازلة في أهل الكتاب لكنّها تعريض بالامّة المعرضة عن علىّ (ع) (ذلِكَ) المذكور من ضرب الذّلّة والمسكنة والبوء بالغضب (بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ) التّدوينيّة والأحكام الإلهيّة الّتى كانت في كتبهم وشرائعهم وبآيات الله التّكوينيّة من محمّد (ص) وعلىّ (ع) ومعجزاتهما وأنبيائهم فانّ كفرهم بأقوال أنبيائهم في محمّد (ص) وعلىّ (ع) كفر بهم والإتيان بالمضارع مع تخلّل كانوا للاشعار بانّ هذه كانت سجيّتهم وانّهم مستمرّون عليها لا يمكنهم الانفكاك عنها (وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍ) التّقييد به للتّبيين أو للتّقييد باعتقادهم يعنى يتيقّنون انّ قتلهم كان بغير حقّ لا انّهم كانوا يشكّون أو يظنّون أو يوقنون انّه بحقّ (ذلِكَ) الكفر والقتل (بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ) اى بسبب عصيانهم وكونهم معتدين لانّ الإصرار على الصّغائر يفضي الى الكبائر والكبائر تؤدّى الى الأكبر (لَيْسُوا سَواءً) اى ليس أهل الكتاب الّذين آمنوا والفاسقون سواء في أحوالهم وأعمالهم (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) مستأنفة جوابا لسؤال مقدّر مثل الجمل السّابقة والآتية كأنّه قيل : ما حالهم المختلفة الغير المتساوية؟ أو لم قلت : ليسوا سواء؟ ـ فقال : منهم (أُمَّةٌ قائِمَةٌ) معتدلة في أحوالهم وأخلاقهم وأعمالهم أو قائمة للعبادة ويكون حينئذ آناء اللّيل متنازعا فيه (يَتْلُونَ) صفة بعد صفة أو حال أو مستأنف (آياتِ اللهِ) يعنى يرغبون في آيات الله وينظرون إليها ويتدبّرون فيها من كتبهم ومن القرآن (آناءَ اللَّيْلِ) جمع الإني بفتح الهمزة أو كسرها وسكون النّون أو جمع الانو بالكسر والسّكون بمعنى السّاعة من اللّيل (وَهُمْ يَسْجُدُونَ) يخضعون لله وللخلق أو تلاوة الآيات ، والسّجود كناية عن صلوة العتمة أو صلوة اللّيل وقوله تعالى (يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) جملة مستأنفة أو صفة بعد صفة أو حال في مقام التّعليل ، ويجوز ان يكون تأخيره عن التّلاوة والسّجود للاشعار بأنّه مسبّب عنهما والمعنى يؤمنون بالله على يد محمّد (ص) بسبب تلاوة الآيات والسّجود (وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) وللاشارة الى انّهم ليسوا معصومين ومفطورين على الأمر بالمعروف والنّهى عن المنكر بل هما يحصلان لهم بعد الايمان التّكليفىّ بالله اخّرهما هما هاهنا عن الايمان بالله بخلاف الآية السّابقة فانّها كانت في وصف الائمّة المفطورين على الأمر بالمعروف قبل الايمان (وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ) من العبادات والإحسان الى العباد (وَأُولئِكَ) العظماء الموصوفون بتلك الأوصاف (مِنَ الصَّالِحِينَ وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ) يعنى في الآخرة والّا فالمؤمن مكفّر وذلك انّ معروفه يصعد الى السّماء