بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اتّفق أصحابنا الاماميّة رضوان الله عليهم انّه من القرآن وانّه آية من كلّ سورة ذكر التسميّة في اوّلها وانّه يجب الجهر به فيما يجهر به من الصّلوات ولا يجوز تركه في الفرائض وخالف في ذلك العامّة قال البيضاوي في اوّل تفسيره : هو من الفاتحة وعليه قرّاء مكّة والكوفة وفقهائهما وابن المبارك والشافعىّ وخالفهم الشيباني وقرّاء المدينة والبصرة والشّام وفقهاؤها ومالك والاوزاعىّ ولم ينصّ ابو حنيفة فيه بشيء فظنّ انّها ليست من السّورة عنده وسئل محمّد بن الحسن عنها فقال ما بين الدفّتين كلام الله تعالى لنا أحاديث كثيرة منها ما روى ابو هريرة انّه قال فاتحة الكتاب سبع آيات اوليهنّ بسم الله الرّحمن الرّحيم وقول امّ سلمة قرأ رسول الله (ص) وعدّ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) آية ومن اجلهما اختلف في انّها آية برأسها أو بما بعدها والإجماع على انّ ما بين الدفّتين كلام الله والوفاق على إثباتها في المصاحف مع المبالغة في تجريد القرآن حتّى لم يكتب آمين ، الى هاهنا كلام البيضاوي. وعن أمير المؤمنين (ع) انّ التسمية من الفاتحة وانّ رسول الله (ص) يقرؤها ويعدّها آية منها وعن الصّادق (ع) ما لهم قتلهم الله عمدوا الى أعظم آية في كتاب الله فزعموا انّها بدعة إذا أظهروها وعن الباقر (ع) سرقوا أكرم آية من كتاب الله بسم الله الرّحمن الرّحيم. وورد منهم التّرغيب في الابتداء به عند كلّ امر صغير أو كبير ليبارك فيه فعن الصّادق (ع) انّه قال لا تدعها ولو كان بعدها شعر وعنه (ع) من تركها من شيعتنا امتحنه الله بمكروه لينبّهه على الشّكر والثّناء ويمحق عنه وصمة تقصيره عند تركه. وعن أمير المؤمنين (ع) انّ رسول الله (ص) حدّثنى عن الله عزوجل انّه قال كلّ امر ذي بال لم يذكر فيه بسم الله الرّحمن الرّحيم فهو أبتر، وعن طريق العامّة عنه كلّ امر ذي بال لم يبدأ باسم الله فهو أبتر.
ولفظ الباء فيه للإلصاق باعتبار لصوق ابتداء القراءة باسمه تعالى أو للمصاحبة أو للاستعانة أو للسّببيّة والمتعلّق محذوف من مادّة الابتداء أو من مادّة الفعل الّذى يقع بعده مثل اقرأ وأقوم واقعد وادخل واخرج أو من مادّة الاسم اى اسم نفسي بسمة من سمات الله كما روى عن الرّضا (ع) انّه قال يعنى اسم نفسي بسمة من سمات الله وهي العبادة قيل له ما السّمة قال العلامة وفي هذا الخبر تنبيه على انّ القائل بسم الله الرّحمن الرّحيم ينبغي ان يجتهد حتّى يجد حين هذا القول أنموذجا من صفات الله في وجوده وفي قوله وهي العبادة اشارة الى انّ العبد حين هذا القول ينبغي ان يخرج من انانيّته الّتى هي خروج من العبادة والعبوديّة ويخرج من مالكيّته واختياره ويدخل تحت امر ربّه ويجد ذلك من نفسه حتّى يكون منه هذه الكلمة صادقة ولا يكون هو كاذبا بينه وبين الله سواء أريد بكلمة بسم الله إنشاء الاتّصاف بسمة من سمات الله أو الاخبار به ويجوز تقدير التأخير في المقدّر وتقدير التّقديم لكنّ التأخير ادخل في التّعظيم والاهتمام باسم الله ويفيد الحصر والاسم بكسر همزة الوصل وضمّها والسّم والسّما بتثليث السّين مأخوذ من السّمو بمعنى الارتفاع أو من الوسم بمعنى العلامة ، وجمعه على أسماء وتصغيره على سمّى يؤيّد الاول ، وكونه بمعنى العلامة يؤيّد الثّانى ، وحديث الرّضا (ع) في بيان