الدروس والإيحاءات ـ النماذج المعاصرة
أما ما نستوحيه من هذا الفصل من السورة ، فهو أن نتابع هذا التاريخ من خلال النماذج الحية الموجودة في الحاضر التي تواجه الدعاة إلى الله بالتكذيب تارة ، وبالسجن أخرى ، وبالقتل في بعض الحالات ، وذلك لعدم انسجام شعارات الدعوة الإسلامية الحقة مع أهوائهم وأطماعهم وامتيازاتهم ، في الوقت الذي نجد هذه النماذج تحمل مع شعاراتها الكثير من كلمات الإصلاح والخير والإيمان بالرسالات السماوية ...
وقد نجد كثيرا من ظلال هذه الصورة في بعض هؤلاء الذين كانوا ينتقدون الأسلوب التقليدي للعمل الإسلامي في أساليب العاملين من التقليديين ، بحجة أنها لا تحقق للإنسان أهدافه في الحياة العملية الكريمة ، التي تبحث عن التنظيم الواسع الدقيق لمطامحها السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، فلا بد للإسلام من أن يتحرك في هذا الاتجاه بعقلية جديدة وأسلوب جديد. فلما تحركت المسيرة الإسلامية الواعية لتقدم الإسلام للناس في صورته الشاملة الكاملة ، بالأسلوب الذي لا يشعرون معه بوجود فراغ في أيّ جانب من الجوانب ، وقفوا أمامها بالعنف والتعسف والجحود والنكران .. إنهم يشبهون كثيرا اليهود الذين جاءهم كتاب مصدّق لما معهم ، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا ، على الرغم من أنهم كانوا يستفتحون به على الكافرين.
وقد نجد أمامنا صورة اليهود الذين يكفرون بما أنزل الله بغيا ، وذلك في صورة هؤلاء الذين يرفضون العمل لأنهم لا يؤمنون به إلا إذا كانوا على قمّته ، ولا يتفاعلون معه إلا إذا جاء من طريقهم ، فليسوا مستعدين للإيمان إذا كان من وحي الآخرين. إنهم الأنانيون الذين لا يؤمنون بالدعوة إلا إذا كانت تحقق لهم امتيازاتهم الدنيوية. ثم تمتد الصورة في حياتنا لتكشف لنا عن هؤلاء الذين