من وحي الآية
ونستطيع أن نستوحي من هذه الآية في حياتنا معطيين :
أولا : التركيز الواعي على دراسة طبيعة العلاقات التي تحكم الفئات المعادية للإسلام والمسلمين ، في نظرة كل منها إلى الأخرى ، للاستفادة من ذلك في عملية المواجهة التي يقوى فيها الموقف أو يضعف تبعا لتماسك القوى المضادّة أو اهتزازها ، حتى نعي طبيعة عناصر القوة عندنا وعناصر الضعف عندهم ، ليتوازن الموقف لدينا في حركة واقع الصراع بيننا وبينهم ، فننفذ إلى داخلهم لنرى أن اجتماعهم لم ينطلق من قاعدة فكرية واحدة ، فهم يكفّر بعضهم بعضا ، بل هو يتحرك من خلال المصالح المشتركة المضادة للإسلام والمسلمين ، لنحدد موقفنا منهم ، فلا نتّخذهم أولياء وإن اختلف اليهود عن النصارى في مستوى عداوتهم للإسلام ، وذلك قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) [المائدة : ٥١] في مواجهتهم للإسلام والمسلمين ، الأمر الذي يفرض علينا الوعي العميق للساحة وللقوى المضادّة فيها ، لنحمي أنفسنا من الخطط التي يعدّونها في مواجهة واقعنا كله.
ثانيا : استيحاء الآية في محاولة الاستغراق الذاتي داخل العلاقات الفكرية والعملية بين المسلمين الذين قد يختلفون ـ كما اختلفوا ـ في أكثر من جانب من جوانب العقيدة والتشريع ، وقد يتبادلون النظرة السلبية ـ كما تبادلوها ـ ، فيشعر كل فريق منهم بالفواصل الجزئية التي تفصله عن الآخرين كما لو كانت فواصل كلية ، لا يصيرون فيها إلى اجتماع ، ولا ينتهون إلى لقاء ، لنعرف من ذلك كله الأساس القويّ الذي يجمعهم ويوحّدهم ، لتبقى الخلافات