هل للسحر حقيقة؟
أما عن السحر ، ما حقيقته ، وما تأثيره ، وهل له أساس من الحق يركن إليه؟
لا يبعد أن نستوحي من القرآن الكريم في آياته المتفرقة ، ولا سيما في ما جاء من حديث موسى مع السحرة ، أن السحر عملية تخييل ولعب على الأعين والحواس الأخرى ، وذلك في قوله تعالى : (سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) [الأعراف : ١١٦] ، وقوله تعالى في حديث موسى معهم : (ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ) [يونس : ٨١] ، كدلالة على أنه لا يرتكز على أساس من الحق الذي يمكن له أن يتماسك ، وقوله : (إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى) [طه : ٦٩] ، لأن عمله لا يؤدي إلى نتيجة حاسمة ، بل ينتهي إلى الخيبة والخسران والفشل الذريع .. وقد نجد هذا المعنى في ما كان الكفار يواجهون به الأنبياء من اتهامهم بالسحر ، باعتبار أنهم يفقدون الإنسان قدرته على مواجهة الدعوة بحرية الإرادة والاختيار بما يملكون من وسائل السحر.
وقد وردت الأحاديث الكثيرة في التنديد بالساحر والسحر والتشديد على عقوبة الساحر في الدنيا والآخرة ، فقد جاء في الحديث : «الكاهن كالساحر ، والساحر كالكافر ، والكافر في النار» (١) ، و «ساحر المسلمين يقتل ، وساحر الكفار لا يقتل ، فقيل : يا رسول الله ، ولم ذاك؟ قال : لأن الشرك والسحر مقرونان» (٢).
__________________
(١) البحار ، م : ١١ ، ج : ٣٣ ، باب : ٢٣ ، ص : ٢١٨ ، رواية : ٥٩٦.
(٢) البحار ، م : ٢٧ ، ج : ٧٦ ، باب : ٩٦ ، ص : ٦٥٤ ، رواية : ١٣.