البيان ـ أنهم عمدوا إلى التوراة وحرّفوا صفة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ليوقعوا الشك بذلك للمستضعفين من اليهود (١). (ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً) بحيث يعطونه قداسة الوحي الذي يخضع له المؤمنون ويلتزمون به. (فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ) من الباطل الذي صوّروه بصورة الحق ، (وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) من الخطايا والأعمال الشريرة ، التي لن تجلب لهم إلا الويل ، في الدنيا والآخرة.
* * *
زعم اليهود عدم تخليدهم في النار
(وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) وهذه هي القاعدة النفسية اليهودية المرتكزة على الذهنية المستعلية التي تنظر إلى الناس من الموقع الفوقي ، باعتبار أنهم شعب الله المختار ، وأن الناس يقفون في الدرجات الدنيا ليكونوا خدما لهم يلبّون حاجاتهم وقضاياهم العامة والخاصة. (وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) فلن يخلّدنا الله في عذاب النار لأننا أبناؤه وأحباؤه وشعبه المختار ، فلا يعاقبنا إلا كما يعاقب الأب أولاده ، والمحب حبيبه ، بطريقة تأديبية حميمة يمتزج فيها الحب بالعقوبة بشكل خفيف لا يستمر طويلا ، لأن الرحمة تسبق الغضب عند ما يتحرك في مثل هذه المواقع ، وتلك هي التخيّلات النفسية التي تحوّل الأمنية إلى حقيقة في الواقع. (قُلْ) يا محمد لهؤلاء اليهود ، في حوار جدي يناقش القضية من منطق الحجة ، (أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً) بأن لا يعذبكم إلا أياما معدودة؟ لتكون القضية قضية التزام إلهي بالعهد الذي قطعه على نفسه (فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ) ولكن أين هو
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ١ ، ص : ٢٩٢.