اللغة : «أرعيته سمعي» إذا أصغيت إليه ، ولكن لها معنى آخر عند اليهود يوحي بالسب والانتقاص ، فقد ورد أن معنى «راعنا» لديهم من الرعونة يريدون بها الوقيعة والنقيصة ، وقد جاء في الحديث عن الإمام الباقر عليهالسلام ـ كما في مجمع البيان ـ أن «هذه الكلمة سبّ بالعبرانية ، إليه كانوا يذهبون» (١). فلما عوتبوا قالوا : نقول كما يقول المسلمون ، فأراد الله للمسلمين أن لا يتركوا لليهود مجالا للتنفيس عن حقدهم بهذه الطريقة ولا يدعوا لهم بابا للاستهزاء ، فعلّمهم أن يقولوا : «انظرنا» أي انظر إلينا أو أقبل علينا ، أو ما شاكل ذلك من معان.
* * *
توعية القرآن للمؤمنين في حركة الواقع
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) ممن التزموا الإيمان في أقوالهم وأفعالهم ، (لا تَقُولُوا راعِنا) وأمثالها من الكلمات التي قد توحي بمعنى مختلف عن المعنى المقصود ، فيوحي بالإساءة من حيث يريد المتكلم الإحسان ، فإن كلمة «راعنا» التي تطلقونها في حديثكم مع النبي محمد صلىاللهعليهوآله لتقصدوا منها معناها الظاهر عندكم في اللغة العربية ، أي راعنا سمعك ، بمعنى أعطنا سمعك واسمع لنا ما نريد أن نسألك عنه ، أو انظر في مصالحنا وتدبير أمورنا ، فإنّ اليهود يقصدون بها السبّ لأنهم يستقونها من الرعونة وهي الجهل والحمق ، بحسب مدلولها في لغتهم ـ كما يقال ـ ولكن (وَقُولُوا انْظُرْنا) أي انظر إلينا أو انتظرنا وتأنّ علينا ، (وَاسْمَعُوا) أيها المؤمنون كلام الله بتأمل وتدبر وتفكير ، لتفهموا مقاصده ، ولتعرفوا إيحاءاته ، فذلك ما يثبت إيمانكم وينطلق بكم في خط الاستقامة ، أمّا الكافرون الذين لا يسمعون كلام الله ، وإذا سمعوه أعرضوا
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ١ ، ص : ٣٤٣.