عليهم مسئولية الفكر والحركة ، بل كانوا يسيرون معه من موقع الانتماء القومي من جهة ، ومن موقع الحاجة إلى التخلص من ظلم فرعون من جهة أخرى ، ولم تكن قضية الإيمان إلا وسيلة من وسائل تأكيد هاتين الجهتين بعيدا عن كل اعتبار للحقيقة في الموقف ، مما جعلهم ينحرفون عند أيّ منعطف للانحراف ، ويبتعدون عن الجو لدى أوّل غياب لموسى عليهالسلام عنهم ، لأنهم كانوا خاضعين للتأثير القويّ لشخصيته القوية وإحساسهم بالاعتراف بالجميل ؛ وهذا ما يظهر تراجعهم السريع وشعورهم العميق بالذنب عند مواجهتهم لموسى بعد رجوعه من ميقات الله.
* * *
مهمة القيادة في دراسة خلفيات القاعدة
ومما نستوحيه أيضا من هذه الآيات درسا جديدا للعاملين في سبيل الله ، وخلاصته : إن على العاملين في سبيل الله ، سواء أكانوا في موقع الدعوة ، أم كانوا في موقع العمل والحركة ، أن لا يتأثروا بالمظاهر الانفعالية للإيمان فيمن يتعاونون معهم أو من يتبعونهم ، بل عليهم أن يدرسوا بعمق طبيعة العوامل الداخلية والمؤثرات الخلفية التي استطاعت أن تربط هؤلاء بالقيادة أو بالخط العملي ، أو بالفكرة الشاملة ؛ فقد تكون المؤثرات خاضعة لطبيعة القائد في قوته الفكرية ، أو جاذبيته الشخصية ، أو انتماءاته العائلية والقومية أو الإقليمية ... وقد تكون الأسباب متصلة ببعض الأجواء العاطفية للقضية ، أو ببعض ردود الفعل ضد حركات معينة ، أو قيادات خاصة تقف في الموقف المعاكس لهذه الحركة أو هذه القيادة ، مما يجعل من الارتباط بها تنفسيا عن عقدة أو تفجيرا لغيظ. وربما تكون العوامل المؤثرة مرتبطة ببعض المواقف