يَدَيْها) أي لما معها ينظر إليها من القرى ، (وَما خَلْفَها) نحن ، ولنا فيها موعظة (١).
وروى العياشي في تفسيره أنه سئل الإمام جعفر الصادق عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) أبقوّة الأبدان أم بقوة القلوب؟ فقال : بهما جميعا (٢). أمّا طبيعة هذه القوة فهي العزيمة والجد واليقين الذي لا شك فيه. أمّا الطّور ، فهو الجبل الذي رفعه الله فوقهم لإرهابهم بعظمة القدرة ، كما ورد في الميزان (٣).
(وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ) في توحيد الله والإحسان إلى الوالدين والأقربين واليتامى والمساكين ، والقول الصالح ، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، واجتناب سفك الدماء ، والانفتاح على الأنبياء جميعا ، واتباعهم ، والالتزام بكتبهم وبرسالاتهم ، والابتعاد عن تشريد الناس من ديارهم والعمل في سبيل الله ... وغير ذلك من الأمور التي جاءت بها التوراة في خط العقيدة والشريعة ، وانطلقت بها كتب الله في الماضي والحاضر والمستقبل.
(وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ) أي الجبل الذي انتصب فوقكم ، حتى خيّل إليكم أنه سوف يقع فوق رؤوسكم تخويفا وإرهابا ، لتبتعدوا عن التمرد الذي تحركتم فيه في أجواء العناد ، بعد قيام الحجة عليكم ، مما جعل الموقف بحاجة إلى معجزة خارقة تقف بكم في خط الاستقامة لتؤمنوا بالتوراة وتلتزموا بها ، ولا تنقضوا الميثاق بعد أن كنتم سائرين في هذا الاتجاه.
وفي ضوء ذلك ، نعرف أن المسألة لم تكن إكراها على العقيدة ـ كما أثاره البعض ـ لتكون قضية الإيمان بعيدة عن دائرة الحرية الفكرية والاختيار
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ١ ، ص : ٢٦٥.
(٢)(. م. ن) ، ج : ١ ، ص : ٢٦٢.
(٣) تفسير الميزان ، ج : ١ ، ص : ١٩٧.