يؤكده القرآن في كل دعوات الإيمان إلا في هذا النطاق ، وعلى ضوء ذلك ، فقد يكون إغفاله في مجال الحديث عن الأساس في نجاة الإنسان في الآخرة ، من جهة الاكتفاء عنه بكلمة الإيمان بالله والعمل الصالح ، الذي هو كناية عن السير في خط الله بالعبودية له والخضوع لشرائعه وأحكامه الثابتة برسالات الأنبياء. وقد تتضح الفكرة بشكل أعمق إذا لاحظنا أن الإسلام لم يعتبر وجود اختلاف بين الرسالات إلا من خلال بعض الجوانب التفصيلية ، ممّا يجعل القضايا الأساسية واحدة في الجميع ، ويكون الانسجام مع واحدة منها انسجاما مع الكل ، كما يكون الانحراف عن الخط في إحداهما انحرافا عن الخط في الباقي ، وبذلك تعتبر النبوّات منطلقة من قاعدة واحدة كما يوحي به قوله تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) وهذا ما يجعل كل صفة طارئة تسقط وتتضاءل أمام القاعدة الصلبة التي تتحرك من خلالها الرسالات.
* * *
من هم الصابئة؟
أطلق هذا الاسم على فرقتين متميزتين تماما :
الأولى : «المنديا ، أو الصبوة ، وهي فرقة يهودية نصرانية تمارس شعائر التعميد في العراق «نصارى يوحنا المعمدان».
الثانية : فرقة صابئة حرّان ، وهي فرقة وثنية بقيت أمدا طويلا في ظل الإسلام ، ولها أهميتها بحكم مبادئها ، ولها أيضا شأنها لما خرج من بين صفوفها من علماء.
ومن الواضح أن الصابئة الذين ذكرهم القرآن إلى جانب اليهود والنصارى من أهل الكتاب يعدّون من المنديا ، ولا شك في أن اسم الصابئة