والطائع والقادر والقائم والمقتدي والمستظهر والمقتفي والمستنجد ، وأمّا المستضيء فعليه تربة مفردة في ظاهر محلّة قصر عيسى بالجانب الغربي من بغداد معروفة ، وقبر المعتضد والمكتفي والقاهر ابنيه بدار طاهر بن الحسين وبها المتقي أيضا ، وفي رصافة بغداد يقول الشاعر :
أرى الحبّ يبلي العاشقين ولا يبلى ، |
|
ونار الهوى في حبّة القلب ما تطفى |
تهيّجني الذكرى فأبكي صبابة ، |
|
وأيّ محبّ لا تهيّجه الذكرى؟ |
أقول وقد أسكبت دمعي ، وطالما |
|
شكوت الهوى مني فلم تنفع الشكوى : |
أيا حائطي قصر الرصافة خليّا |
|
لعيني عساها أن ترى وجه من تهوى |
رُصافَةُ الحِجازِ : قال أمية بن أبي عائذ :
يؤمّ بها وأنتجت للنجاء |
|
عين الرّصافة ذات النجال |
قالوا في تفسيره : عين الرصافة موضع فيه نزّ ، وقال الجمحي : عين الرصافة والنجال ماء قليل ، واحدها نجل.
رُصافَةُ الشام : الرصافة في مواضع كثيرة ، منها : رصافة هشام بن عبد الملك في غربي الرقّة بينهما أربعة فراسخ على طرف البريّة ، بناها هشام لما وقع الطاعون بالشام وكان يسكنها في الصيف ، كذا ذكره بعضهم ، ووجدت في أخبار ملوك غسان : ثمّ ملك النعمان بن الحارث بن الأيهم وهو الذي أصلح صهاريج الرصافة وصنع صهريجها الأعظم ، وهذا يؤذن بأنّها كانت قبل الإسلام بدهر ليس بالقصير ، ولعلّ هشاما عمّر سورها أو بنى بها أبنية يسكنها ، وقال أحمد بن يحيى : وأما رصافة الشام فإن هشام بن عبد الملك أحدثها وكان ينزل فيها الزيتونة ، قال الأصمعي : الزّوراء رصافة هشام وفيها دير عجيب وعليها سور ، وليس عندها نهر ولا عين جارية إنّما شربهم من صهاريج عندهم داخل السور ، وربّما فرغت في أثناء الصيف فلأهل الثروة منهم عبيد وحمير يمضي أحدهم إلى الفرات العصر فيجيء بالماء في غداة غد لأنّه يمضي أربعة فراسخ أو ثلاثة ويرجع مثلها ، وعندهم آبار طول رشاء كلّ بئر مائة وعشرون ذراعا وأكثر وهو مع ذلك ملح رديء ، وهي في وسط البريّة ، ولبني خفاجة عليهم خفارة يؤدّونها إليهم صاغرين ، وبالجملة لو لا حبّ الوطن لخربت ، وفيها جماعة من أهل الثروة لأنّهم بين تاجر يسافر إلى أقطار البلاد وبين مقيم فيها يعامل العرب ، وفيها سويق عدّة عشرة دكاكين ، ولهم حذق في عمل الأكسية ، وكلّ رجل فيها غنيّهم وفقيرهم يغزل الصوف ونساؤهم ينسجن ، وهذه الرصافة عنى الفرزدق بقوله :
إلام تلفّتين وأنت تحتي ، |
|
وخير النّاس كلّهم أمامي؟ |
متى تردي الرصافة تستريحي |
|
من الأنساع والجلب الدوامي |
ولما قال الفرزدق هذين البيتين قال : كأنّي بابن المراغة وقد سمع هذين البيتين فقال :
تلفّت إنّها تحت ابن قين |
|
حليف الكير والفاس الكهام |
متى تأت الرصافة تخز فيها ، |
|
كخزيك في المواسم كلّ عام |
وكان الأمر كذلك لم يخرم جرير حرفا ولا زاد ولا نقص لما بلغه معناه ، وذكرها ابن بطلان الطبيب في رسالته إلى هلال بن المحسن فقال : وبين الرصافة والرحبة مسيرة أربعة أيّام ، قال : وهذا القصر ،