تعرف بالبغراج لهم أسبلة بغير لحى يعملون بالسلاح عملا حسنا فرسانا ورجّالة ، ولهم ملك عظيم الشأن يذكر أنّه علويّ وأنّه من ولد يحيى بن زيد وعنده مصحف مذهّب على ظهره أبيات شعر رثي بها زيد ، وهم يعبدون ذلك المصحف ، وزيد عندهم ملك العرب وعلي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، عندهم إله العرب لا يملّكون عليهم أحدا إلّا من ولد ذلك العلوي ، وإذا استقبلوا السماء فتحوا أفواههم وشخصوا أبصارهم إليها ، يقولون : إن إله العرب ينزل منها ويصعد إليها ، ومعجزة هؤلاء الذين يملّكونهم عليهم من ولد زيد أنّهم ذوو لحى وأنهم قيام الأنوف عيونهم واسعة وغذاؤهم الدخن ولحوم الذكران من الضأن ، وليس في بلدهم بقر ولا معز ، ولباسهم اللبود لا يلبسون غيرها ، فسرنا بينهم شهرا على خوف ووجل ، أدّينا إليهم العشر من كل شيء كان معنا ، ثمّ سرنا إلى قبيلة تعرف بتبّت فسرنا فيهم أربعين يوما في أمن وسعة ، يتغذّون بالبرّ والشعير والباقلّى وسائر اللحوم والسموك والبقول والأعناب والفواكه ويلبسون جميع اللباس ، ولهم مدينة من القصب كبيرة فيها بيت عبادة من جلود البقر المدهونة ، فيه أصنام من قرون غزلان المسك ، وبها قوم من المسلمين واليهود والنصارى والمجوس والهند ويؤدون الإتاوة إلى العلوي البغراجي ولا يملكهم أحد إلّا بالقرعة ، ولهم محبس جرائم وجنايات ، وصلاتهم إلى قبلتنا ، ثمّ سرنا إلى قبيلة تعرف بالكيماك ، بيوتهم من جلود ، يأكلون الحمص والباقلّى ولحوم ذكران الضأن والمعز ولا يرون ذبح الإناث منها ، وعندهم عنب نصف الحبة أبيض ونصفها أسود ، وعندهم حجارة هي مغناطيس المطر يستمطرون بها متى شاءوا ، ولهم معادن ذهب في سهل من الأرض يجدونه قطعا ، وعندهم ماس يكشف عنه السيل ونبات حلو الطعم ينوّم ويخدّر ، ولهم قلم يكتبون به ، وليس لهم ملك ولا بيت عبادة ، ومن تجاوز منهم ثمانين سنة عبدوه إلّا أن يكون به عاهة أو عيب ظاهر ، فكان مسيرنا فيهم خمسة وثلاثين يوما ثم انتهينا إلى قبيلة يقال لهم الغزّ ، لهم مدينة من الحجارة والخشب والقصب ولهم بيت عبادة وليس فيه أصنام ، ولهم ملك عظيم الشأن يستأدي منهم الخراج ، ولهم تجارات إلى الهند وإلى الصين ويأكلون البرّ فقط وليس لهم بقول ، ويأكلون لحوم الضأن والمعز الذكران والإناث ويلبسون الكتّان والفراء ولا يلبسون الصوف ، وعندهم حجارة بيض تنفع من القولنج وحجارة خضر إذا مرّت على السيف لم يقطع شيئا ، وكان مسيرنا بينهم شهرا في أمن وسلامة ودعة ، ثمّ انتهينا إلى قبيلة يقال لهم التغزغز ، يأكلون المذكّى وغير المذكّى ويلبسون القطن واللبود ، وليس لهم بيت عبادة ، وهم يعظمون الخيل ويحسنون القيام عليها ، وعندهم حجارة تقطع الدم إذا علّقت على صاحب الرعاف أو النزف ، ولهم عند ظهور قوس قزح عيد ، وصلاتهم إلى مغرب الشمس ، وأعلامهم سود ، فسرنا فيهم عشرين يوما في خوف شديد ثمّ انتهينا إلى قبيلة يقال لهم الخرخيز ، يأكلون الدخن والأرز ولحوم البقر والضأن والمعز وسائر اللحوم إلّا الجمال ، ولهم بيت عبادة وقلم يكتبون به ، ولهم رأي ونظر ، ولا يطفئون سرجهم حتى تطفأ موادّها ، ولهم كلام موزون يتكلمون به في أوقات صلاتهم ، وعندهم مسك ، ولهم أعياد في السنة ، وأعلامهم خضر ، يصلّون إلى الجنوب ويعظمون زحل والزهرة ويتطيرون من المريخ ، والسباع في بلدهم كثيرة ، ولهم حجارة تسرج بالليل يستغنون بها عن المصباح ولا تعمل في غير بلادهم ، ولهم ملك مطاع