والرخاء السائِحُونَ وهم الصائمون الراكِعُونَ الساجِدونَ وهم الذين يواظبون على الصلوات الخمس والحافظون لها والمحافظون عليها في ركوعها وسجودها وفي الخشوع فيها وفي أوقاتها الآمِرونَ بالمَعرُوفِ بعد ذلك ، والعاملون به والناهُونَ عن المُنْكَرِ والمنتهون عنه ، قال : فبشر من قتل وهو قائم بهذه الشروط بالشهادة والجنّة ثمّ أخبر تبارك وتعالى أنّه لم يأمر بالقتال إلاّ أصحاب هذه الشروط فقال عزّ وجل : ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ ) (٢٠) وذلك أنّ جميع ما بين السماء والأرض لله عزّ وجل ولرسوله ( صلّى الله عليه وآله ) ولاتباعهما من المؤمنين من أهل هذه الصفة ، فما كان من الدنيا في أيدي المشركين والكفار والظلمة والفجّار من أهل الخلاف لرسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) والمولي عن طاعتهما ممّا كان في أيديهم ظلموا فيه المؤمنين من أهل هذه الصفات وغلبوهم على ما أفاء الله على رسوله فهو حقّهم أفاء الله عليهم ورده إليهم ، وإنّما كان معنى الفيء كل ما صار إلى المشركين ثمّ رجع مما كان غلب عليه أو فيه فما رجع إلى مكانه من قول أو فعل فقد فاء مثل قول الله عزّ وجل : ( لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِن فَاءُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ـ أي رجعوا ، ثمّ قال : ـ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (٢١) وقال : ( وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ ـ أي ترجع ـ فَإِن فَاءَتْ ـ أي رجعت ـ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ ) (٢٢) يعني بقوله تفيء : ترجع فذلك (٢٣) الدليل على أنّ الفيء كلّ راجع إلى مكان قد كان عليه أو فيه ،
__________________
(٢٠) الحج ٢٢ : ٣٩ ، ٤٠.
(٢١) البقرة ٢ : ٢٢٦ ، ٢٢٧.
(٢٢) الحجرات ٤٩ : ٩.
(٢٣) في التهذيب : فدل ( هامش المخطوط ).