لحرمة التعرض له والتهاون به ، وكما جعل من حوله حرما شاسعا حفاظا على مكانته وحرمته ، حمى يحومه ، ومحرما لم يزل منذ خلق الله الأرض ، عزيزا ممتنعا متمنعا يهابه كل جبار وكما امتنع من طوفان نوح ومن اصحاب الفيل حيث جعل كيدهم في تضليل ، ومحرما على زائريه الوافدين او القاطنين فيه ما لا يحرم على سواهم في سلوب من الإحرام ومحرماته ، ومحرما قتل اللاجئين اليه والقتال عنده الا إذا اقتضت الضرورة.
(لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ) فانه قبلة المصلين ، والمحور الرئيسي لإقام الصلاة ، وهو اوّل بيت وضع للناس مباركا وهدى للعالمين.
وفي إقام الصلاة كما يحق إقام للدين كله ، وقد (جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ) قياما في كل ما تتطلبه شرعة الله ، في صلاة كعبادة وفي صلات في ذلك الجم الغفير والجمع الوفير بتلك الصور الوضاءة الجامعة للمسلمين المستطيعين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله.
ف (لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ) ليست لتختص بالصلاة كصلة فردية بين العبد والمعبود ، بل وكافة الصلات في كافة الحاجيات الإسلامية القائمة بين المصلين في مناسك الحج والعمرة ، العبادية السياسية الحركية ، دون انعزالية في تقشف عبادي جاف ، تفكيكا للدين عن السياسة وللسياسة عن الدين ، في حين ان الدين هو السياسة والسياسة الصالحة هي الدين دون فكاك إلّا بافتكاك الدين عن حالته القيادية.
ثم إن إقام الصلاة عند البيت المحرم ـ وهو قبلة المصلين ، ومولد الوحي ومهبطه ، وعاصمة الرسالة القدسية الاخيرة ـ ان ذلك يجعل مكان البيت أسوة للمؤتسين وقدوة للمقتدين ، فإقام الصلاة فيها أقوم من غيرها إقاما لها بين جموع المسلمين.