معروفة نخلة ام زيتونة إمّا هيه ، حيث هي بأصولها وفروعها وأثمارها غير ثابتة ، و «كل حين» تعم كافة احيانها منذ كونها حتى القيامة الكبرى والى غير النهاية ، ولا شجرة هكذا اللهم إلّا شجرات الجنة ، فقد يأخذ ذلك المثل حصة من الواقع المعروف كالنخلة والزيتونة ، ثم تكملة لها هي غير معروف حتى يكمل المثل بيانا للمثّل.
وهذان المثلان لا يحلّقان على كل كلمة طيبة او خبيثة ، بل الطيبة المطلقة التي لا خبث فيها او زوال ، والخبيثة المطلقة التي لا طيبة فيها ولا بقاء ، فالمزيجة من طيبة وخبيثة هي عوان بينهما ، ولكنها إذا غلبت طيبتها على خبثها تحسب بحساب الطيبة في هامشها ، وإذا عكست فبحساب الخبيثة في هامشها ، وإذا تساوت الكفتان فهي ـ إذا ـ طيبة وخبيثة ـ خبيثة وطيبة ، وكل واجهة منها محسوبة بحسابها نفسها دون تخالط بينهما ، اللهم فيما يحبط خبثها طيبتها.
وكلمة التوحيد بمصاديقها هي «طيبة» مصدرا وموردا ، فاعلا ومفعولا ، لا خبث فيها ولا قيد شعرة ، طيبة في كافة وجهاتها كما الشجرة الطيبة ، منظرا بنضارتها ، وطيبة برائحتها ، ولذة بطعمها ، وكذلك كلمة التوحيد ، الصادرة من مصدر طيب ، الواردة في مورد طيب ، الفاعلة مفعولة طيبة علميا وعقيديا وعمليا.
(أَصْلُها ثابِتٌ) بجذور عريقة عميقة في ارضها ، راسية في عمقها ، جاسية في مختلف أطرافها ، لا تزعزعها الأعاصير العواصف ، ولا تزيلها القواصف ، ولا تقوى عليها معاول الطغوى ، شامخة سامقة متعالية.
وهكذا تكون كلمة التوحيد ، مهما زاحمتها كلمة الشرك ، فإنها تظل في زحامها ذاهبة جفاء ، نافشة هشّة ، ثم لا تبقي إلّا هيه «وأما الزبد فيذهب جفاء ، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض».