(أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) (٣ : ٨١)؟!
النص يأمره باتباع ملة ابراهيم دون اتباعه نفسه ، وما هو إلا مشيه على صراط مستقيم في كونه حنيفا وما كان من المشركين وسائر المواصفات العشر وذلك رأس الزاوية فيها ، و : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) (٣ : ٦٨).
فلم يكن هذا النبي من متبعي ابراهيم ، بل هو اولى أولياءه ، السائر مسيره وإلى مصيره في ملته ، مهما كان اسبق منه في ذلك السباق ، حيث سبق كل الرفاق بين العالمين أجمعين.
وكيف يكون في ابراهيم شخصه أسوة لخاتم المرسلين و (قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ... إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ ...) (٦٠ : ٤) ـ والحال انه (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً) (٣٣ : ٢١).
فإبراهيم الذي لا يؤتسى للمسلمين بهذا الخصوص ، كيف يؤتسى لرسول الهدى على وجه العموم ، اللهم الا أسوة ملته وهي شرعة التوحيد ، وهي أسوة في صراط الله.
وذلك تعريض عريض على الذين كانوا يظنونه يتبع ملة الهود أو النصارى وكما في مصارحة قبلها (ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (٦٧) (قُلْ صَدَقَ اللهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً)(٩٥).
فكلما في الأمر هو اتباع ملته دون شخصه ، وملته هي ملة التوحيد