الْكَذِبَ) الذي وصفه لسانكم ، وهذا كذب مزدوج ان يصف كذبا لا يعتقده ، فلا اصل له باطنا ولا واقعا.
ثم «لا تقولوا» نهي عن ان يدين بما وصفه لقرنه بوصف اللسان فهو إذا ذو ابعاد ثلاثة من الكذب ، وذلك خارج من الايمان والإسلام معا ان كان مسلما.
فقد يصف لسان الإنسان كذبا يعتقده صدقا ، وهو قاصر فيما يعتقد دون تقصير فله اجر واحد ، وقد يصف كذبا لا يعتقده ولا يقول به فهو كاذب مقصر خارج عن الايمان ، او يقول به وهو كذب فهو خارج عن الإسلام بعد الايمان ، او يصف كذبا يعتقده مقصرا في دليله وان كان يراه مصيبا فهو كاذب غير مفتر ، او يصف صدقا يعتقده مصيبا في دليله واقعا في مدلوله فله أجران.
فالثلاثة الوسطى كذب بدركاته ، والاولى كذب مأجور ـ ان صح التعبير ـ والاخيرة صدق مطلق محبور مشكور و (إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ) تشمل الثلاثة دون الأولى والأخيرة.
ثم لا فلاح كما لا صلاح للذين يفترون على الله الكذب وإنما (مَتاعٌ قَلِيلٌ) وكل متاع الدنيا قليل (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ).
ثم القول الكذب في الشرعة تحليلا وتحريما قد يكون مشاقة لله ، انني احكم كما الله يحكم ، فهذا إشراك في ربوبية التشريع وان وافق حكم الشرع أحيانا ، وإن لم تشمله الآية وهو انحس من كل مصاديق الكذب.
__________________
ـ من الايمان وساقطا عنه اسم الايمان وثابتا عليه اسم الإسلام فان تاب واستغفر عاد الى الايمان ولم يخرجه الى الكفر والجحود والاستحلال ، فإذا قال للحلال هذا حرام وللحرام هذا حلال ودان بذلك فعندنا يكون خارجا من الايمان والإسلام الى الكفر وكان بمنزلة رجل دخل الحرم ثم دخل الكعبة فأحدث في الكعبة فاخرج عن الحرم والكعبة فضربت عنقه وصار الى النار.