مكان ، ورسول منهم ، فكفرت بهما (فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ).
ففيما سبق حذر الكافرون باليم العذاب في الآخرة ، وهنا العذاب في الدنيا ، جمعا بين النقمتين إذ جمعوا بين كفرهم بالنعمتين!
لا علينا ان نعرف ما هي هذه القرية حيث القصد الى النبهة عن هذه المواصفة ، ولكنها فيما نعرف طول التاريخ الرسالي صادقة على مكة المكرمة كأصدق مصاديقها.
فهي (كانَتْ آمِنَةً) عن غيرها : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) (٢٩ : ٦٧) و «مطمئنة» في نفسها ، فساكنها يأمن بأس ما حولها ، ويطمئن عن باس ما فيها ، لأن الله تعالى جعلها حرما آمنا.
وقد (يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ) في المعمورة كما في دعاء ابراهيم (عليه السلام) (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) (١٤ : ٣٧).
(وَلَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ) محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) «فكذبوه» ـ (فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ) في فتح مكة (وَهُمْ ظالِمُونَ).
هذا ـ ولكن اهل مكة لم يعذبوا هنا تدميرا ، وفتح مكة فتح الى قلوبهم نور الهدى فآمن ثلة ونافق آخرون ، إذا فلا ينطبق هذا المثل عليها إلا في النعم الأربع ، دون ذلك العذاب.
وعلّ ذلك المثل في ذلك التشابه مع مكة المكرمة ، يهدد أهليها الكافرين بعذاب اليم.