وهنا الاستعاذة بالقلب وسائر الأحوال الباطنية والظاهرية فيما سوى اللسان ، تحلق على جو القراءة على اية حال ، وهي باللسان كإذاعة لما في الجنان ـ تكون في البداية والنهاية دون حال القراءة حذرا من الاختلاط ، فقل : أعوذ بالله .. أولا ، وقل أعوذ بالله آخرا ، وكن أعوذ بالله في نفسك وكل كيانك أولا وآخرا وفيما بينهما.
استعذ بالله من الشيطان الرجيم الذي يحول دون قراءتك ، او التأمل فيما تقرء ترتيلا لفظيا او معنويا ، او يضلك في معانيه ، ام يزل بك في تصديقه او تطبيقه ، ام اي امر أريد به ، ولتعرف انك تقرء منشور ولاية ربك لكي تتخلق به فتصبح قرآنا بكل كيانك كما نبي القرآن ، فحين تعلم متأكدا ان الله اصطفاه على سائر وحيه على أنبياءه تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة للمؤمنين ، فلا يحيد بك اي شيطان من إنس او جان عن الأنس به طول حياتك.
ولتعرف ان اعداء القرآن أكثرهم عددا ، وأعظمهم في صنوفهم مددا ، قد يأتونك عداء سافرا ، واخرى متظاهرين بمظاهر الحب والحفاظ على كيان القرآن (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ).
وما الاستعاذة اللفظية الا حاكية عن ذلك ، فإذا استعاذ القلب استعاذ القارئ بجملته ، ومن الجملة الظاهرة الحاكية عن الاستعاذة القلبية هي اللفظية.
فالاستعاذة في بداية القراءة تمهيد للجو الذي يتلى فيه كتاب الله ، وتطهير له من الوساوس والهواجس ، واتجاه بكل المشاعر الى الله خالصة مخلصة ، لا يشغلها شاغل من الشيطان.
ثم هي قلبيا على طول خط القراءة ضمان لسلامة التفهم وسلالة التصديق ، ومن ثم ضمان لدائب الأثر على اثر القراءة ، فيعيش القارئ