الشهداء ، كذلك (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) فأنت تعرف به كل شيء.
فلك المقام المحمود في الاولى (تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) ولك المقام المحمود في الاخرى (وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً)!
وقد يذكر الكتاب ردف الشهداء بعد النبيين يوم يقوم الاشهاد : (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَوُضِعَ الْكِتابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ. وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ) (٣٩ : ٧٠) وان كان الكتاب هنا يعم كتاب الأعمال وكتاب الشرعة ولكن القرآن هو المحور الأصيل ، وهو الميزان الذي توزن به الأعمال ، ويشهد على ميزانه الشهود ، وترى ما هو كل شيء الذي يكون له القرآن تبيانا؟ وهنا شيء كثير لا نجد له في القرآن أثرا ولا بيانا!
انه ـ بمناسبة الحكم والموضوع ـ هو الشيء الذي يناسب كتاب الشرعة والهدى ، فهو ـ إذا ـ كل هدى من الله : آفاقيا وانفسيا ، تكوينيا وتشريعيا ، فهو الشيء السبيل الى الله ، لكل متحر عن سبيل الله ، محلّقا على كافة سبل الهدى ، معلقا على كافة سبل الردى ، مستغرقا كل درجات السبل الى الله ، مجتثا كل دركات الضلالات الصادّة عن سبيل الله.
(لِكُلِّ شَيْءٍ) هنا بين محتملات عدة صالحة وطالحة ، ومن الثانية الشيء الغيب الخاص علمه بالله ، المستحيل ان يعلمه او يعلّمه غير الله ، والشيء البين الذي لا يحتاج الى تبيان ، فان تبيانه تحصيل للحاصل.
ولان الشيء هنا هو شيء الهدى فالمعني منه أصالة ما ليس للعالمين اليه سبيل لو لا وحي الله ، وعلى هامشه ماله سبيل ولكنه قليل سواء أكان من المعرفيات ام المخترعات والمكتشاف ، فتبيان القرآن للهدى الاولى صريح ، مهما كان بصورة ضابطة يرجع إليها في المتفرعات ، وللثانية بين