هندسة العمار ، فأوساط أجسادها مكعبات ومؤخراتها مخروطات ورءوسها مدوّرات مبسوطات ، مركوبة في أوساط أبدانها أربعة أرجل ويدان متناسبات المقادير كأضلاع المسدسات ، لتستعين بها على مختلف الحركات الهندسية لهذه البيوتات.
والهدف من تساوي أضلاع هذه المسدسات المتساويات ألّا يتداخلها الهواء فيضر بأولادها ويفسد شرابها ، وهي تجمع بيديها وارجلها الأربع من ورق الأشجار وزهر الأثمار الرطوبات الدهنية التي تبني بها تلك البيوتات المهندسة ، وعلى أكتافها أربعة اجنحة حريرية النسج وسائل لطيرانها ، ومؤخرات أبدانها مخروطة الأشكال مجوفة مدرجة مملوءة بالهواء لتكون موازنة لثقل الرئوس في الطيران ، وجعلت لها حمة حادة كشوكة شائكة سلاحا لها أمام اعدائها ، وجعلت رقبتها خفيفة ليسهل بها تحرك رأسها يمنة ويسرة بلا عسرة ، وجعل رأسها مدورا عريضا وبجنبيه عينان براقتان كأنهما مرآتان مجلوّتان ، وسيلة لتمييز الأشكال والألوان في الظلمات والنور ، وعلى رأسها شبه قرنين لطيفين لينين آلة لاحساس الملموسات ، وفتح لها منخران لإحساس المشمومات الطيبة ، وفما مفتوحا فيه قوة ذائقة قوية ، ومشفران حادّان تجمع بهما من ثمرات الأشجار رطوبات لطيفة ، وفي جوفها قوة جاذبة ماسكة هاضمة طابخة منضحة تحّول تلك الرطوبات عسلا مصفى شرابا مختلفا ألوانه فيه شفاء للناس.
والمرحلة الثانية بعد بناء البيوت (ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) والكلّ هذا بطبيعة الحال يعني طيبات الثمرات ، ولها مرحلتان ، الأمهات وهي ازهارها ، والمواليد وهي أثمارها ، والنحل تأكل من أمهات الثمرات وهي أزهر واظهر واطهر ، مهما أكلت أحيانا من الثمرات أنفسها.
والمرحلة الثالثة مفرّعة على الأوليين وتكملة لهما (فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ