أم هي من في السماوات والأرض ظاهرة كثيفة؟ (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) (١٣ : ١٥)؟ ولا ظلال للجن والملائكة واضرابهما ممن لا يرى فلا ظل لهم امام الشمس! ولما في السموات والأرض من الأجسام الظاهرة غير العقلاء ظلال!.
«من شيء» بعد (ما خَلَقَ اللهُ) تبعّض (ما خَلَقَ اللهُ) فتعني منها ذوات الظلال ، وإلّا لكفت (ما خَلَقَ اللهُ) لو عنت كلّ شيء ، وصاحب الظل بطبيعة الحال هو الكثيف الظاهر امام الشمس سواء أكان من ذوي العقول أم سواهم ، و (مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) في الرعد لا تحصر (ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ) في ذوي العقول ، فلكل حال مقال ، (وَهُمْ داخِرُونَ) هنا اعتبارا ب «من» فيما خلق الله من ذوي الأظلال.
ولماذا يختص هنا ذوات الأظلال بالرؤية إليها ، والآيات الآفاقية غير مخصوصة بها؟ لأن هؤلاء المشركين تعاموا عن بصائرهم ، ولذلك نقلوا عن حجاجهم بانفسية الآيات فطرية وعقلية ، إلى آفاقيتها المحسوسة ، ولكن على تأمل فيها.
ثم تفيء الظلال وهو تنقلها إنما هو حسب رأي العين حيث الظلال لا تتفيأ وتنتقل على الحقيقة راجعة ، وانما هي الشمس ترد على الاظلال ثم ترجع الى ما كانت بعد ان تزول عنها الشمس ، فالشمس هي المتنقلة عليها والظلال قائمة بحالها ، ان كانت الشمس جارية حول الأرض ، وأما ان كانت هي الجارية حول الشمس كما حول نفسها فتفيء الظلال يكون على الحقيقية حيث تتحول الأرض.
والفيء هو الظل راجعا ، إذا فالظل هو قبل الزوال ، والفيء بعده ، فالتفيؤ ـ إذا ـ هو رجوع الظل بعد زواله.
و «اليمين» هو مشرق الشمس و «الشمائل» ما يقابله بمختلف الانحرافات الظلية عن المشرق ، وعله لذلك أفرد اليمين لأنه نقطة شروق